تلغراف

جبهة النصرة .. أسرار تعاون الأميركيين مع كوادرها

وضعت الولايات المتحدة تنظيم جبهة النصرة على لائحة المنظمات الإرهابية، و ضمت إلى لائحة “المصادرة أموالهم” اثنان من قادتها هما على الأرجح أميرها الفعلي ” أبو محمد الجولاني ” ومندوب القاعدة في العراق وأميرها الإسمي من آل الجبوري. وكلاهما معروف للأميركيين من خلال تعاون سابق معهما في العراق ضد أعداء الطرفين.

هل الطرفان أعداءٌ حقاً؟ وهل حقاً تريد الولايات المتحدة أن تعاقب العامود الفقري للمسلحين المقاتلين للجيش السوري ممن حققوا للإدارة الأميركية ما لم تحققه حربها في العراق ولا حربها في لبنان عام 2006 من تحييد لسورية عن قضايا إقليمية حساسة ومهمة للمصالح الأميركية؟

لولا الدعم الأميركي لما كان لجبهة النصرة ولا لغيرها من التنظيمات السعودية – القطرية التمويل وجود قوي في سورية. الحاضنة الشعبية انشأتها حركات الأوتوبوريون السوريون الممولون والناشطون بإدارة أميركية. آلاف الناشطين المدنيين كانوا” ديدان القز ” الذين خيطوا لتنظيم  ” جبهة النصرة ” الثوب الشعبي الذي جعله في سوريا ذو شعبية لا بأس بها تفوق بكثير شعبية الإخوان المسلمين.

المال ليس كل شيء، ولكنه أساس ويصل للجبهة من شخصيات ومنظمات أهلية خليجية أولاً وسورية مغتربة ثانياً والأهم من مصادر رسمية عربية وأميركية، ولمن يشكك فليسأل الأميركيون عما فعلته الناشطة الأميركية  ومندوبة ” السي أيه ايه ” كاترين التللي في رنكوس؟ ولمن من قيادات جبهة النصرة سلمت الأموال والإحداثيات والمعلومات التقنية والأجهزة المتطورة للتواصل مع غرف عمليات تؤمن صوراً فضائية وفورية لتحركات الجيش السوري الآنية، لحظة بلحظة، في دمشق وريفها؟

والسلاح كذلك ليس مشكلة، وكلا الأمران يتوفران للتنظيم عن طريق عملاء أمريكيين من العرب.

جبهة النصرة

في أروقة الأجهزة الأمنية السورية تصور كامل عن هيكلية التنظيم وعن التعاون الأميركي المباشر مع قيادته وهناك معتقلون وأيضا ولا شك هناك نفوذيون يخترقون التنظيم، يحكي المسؤول عن ملف التنظيم في جهاز أمني سوري بعض المعلومات القليلة التي يمكنه ذكرها في لقاء مدبر من وسيط هو بدوره إعلامي عربي مقرب من النظام السوري:

يقول المسؤول الأمني الرئيسي عن ملف جبهة النصرة ما يستشف منه معرفة وثيقة بحيثياته وخططه ورغم الحذر التاريخي في سورية من تسريب المعلومات الأمنية إلى الصحافيين إلا أن بعض الأزمات تخلق نوازع لقلب الطاولة على الأساليب القديمة . يقدم الرجل خريطة انتشار التنظيم وأسماء كثير من المسؤولين عن كتائبه وأصولهم العربية في أغلبها ويحسم:

–          في العام 2008 قامت طائرات هليكوبتر أميركية بتجاوز الحدود العراقية السورية لمسافة ثمانية كيلومترات وأنزلت كومندوس أميركي شن هجوماً على مبنى يقع في مزرعة قرب البوكمال في محلة تسمى السكرية، يومها تحدث الإعلام السوري والدولي عن ثمانية قتلى برصاص الأميركيين وأغفلنا وأغفلوا هم مسألة عرفناها في وقتها وسكتنا عنها لأسباب أمنية.

الأميركيون يومها اعتقلوا رجلاً واحداً حياً بعدما قتلوا عدداً من رفاقه. كان المعتقل مسؤول كبير في تنظيم ” القاعدة في العراق ” ومن قتلوا من رفاقهم هم مجلس الشورى التابع للتنظيم وقد أوقع الرجل وهو عراقي معروف بأسم ” أبو غادية ” برفاقه لأنه كان عميلاً للأميركيين وأثناء العملية اصطحبه الكوماندوس الأمريكي معه إلى العراق.

يتابع الضابط – الضيف على طاولة الصديق الإعلامي العربي في مطعمٍ دمشقي يقع بحي المالكي :

–          بالتأكيد نعرف اسم الرجل الحقيقي ونملك هويته ونعرف أيضا أنه أحد المساعدين الرئيسيين حالياً للمدعو أبو محمد الجولاني (يملك الأمن السوري تفاصيل شخصية عنه ويعرفون سكن والديه وأشقائه وشقيقاته في ريف دمشق (عقربا) وفي إحدى قرى القنيطرة، وهو نجى من الإعتقال مرتين، الأولى في قدسيا والثانية في منطقة دمر البلد قبل أشهر قليلة فقط.

فضلا راجع رابط خبر الإنزال الأمريكي (http://www.alarabiya.net/articles/2008/10/26/58965.html)

الدعم الإعلامي والتسويق الهائل لبطولات التنظيم المتطرف تبثه وسائل إعلام مملوكة لعرب ولكن تديرها المؤسسات والعقول الأميركية فلماذا إذاً تضع أميركا تنظيماً يخدمها وتخدمه في لائحة الإرهاب؟

فتش عن السياسة الداخلية في واشنطن وعن صراعات مراكز القوى، وفتش عن أدوات السيطرة على ذلك التنظيم. التوازن الهش بين ضباط البنتاغون وضباط السي أي ايه وانحياز عناصر من الكونغرس لكلا الطرفين قد يحول مسألة التحالف مع تنظيم القاعدة في سورية إلى فضيحة للرئيس الأميركي الساعي بقوة لتأخير تحركه التفاوضي مع سورية والمستحق في ذمته بقوة التوازن والمصالح الدولية.

فتشوا في تاريخ النشر الصحافي عن مقابلة سيمور هيرش المتلفزة حول خطة بندر – تشيني للاستعانة  بالقاعدة في لبنان لمحاربة حزب الله عام 2008 .

–          نقل هيرش عن مصادره قولاً لبندر مفاده:

” ليس المهم أن يفجرالإرهابيون أنفسهم ،لا أرى ذلك مهماً، الأهم فيمن يفجرون أنفسهم “

http://www.youtube.com/watch?v=-Ga22XxUjSU

اللعبة نفسها لعبها بندر والأميركيون في سورية، استخدمت أميركا العلمانيين والمرتزقة من اليساريين وناشطي المجتمع الأهلي الذي سوقوا لسلمية الثورة والإنتفاضة ومن خلال هؤلاء أصبحت بعض المناطق حواضن للإرهاب المسلح لا بل والمدجج بالسلاح. المخازن والبيوت والمساجد فتحت لإستضافة المجاهدين من ليبيا بشكل رئيسي ومن العراق على وجه الخصوص. ثم تدفق السعوديون والأتراك والأفغان حتى لم يبقى أمة في الأرض لم ترسل بتكفيرييها للقتال في سورية وكل ذلك جرى برعاية أميركية وبتمويل خليجي.

المقاتلون التكفيريون هم من أعطوا لتسمعمائة كادر من كوادر جبهة النصرة قوتهم وبطشهم وسرعة نمو قوتهم.

الاوتوبوريون  حشدوا الدعم الشعبي وجندوا الشبيبة المتحمسة للتظاهر ولكن انتهى الأمر كما خططت له امريكا:

القاعدة هي التي تقطف ثمار الشجرة العنفية التي افتتحها جهل ضباط الأمن بأساليب فض التظاهرات ومحو المحرضين (لا محو المتظاهرين المستحيل) من جهة ، ومن جهة أخرى ساهمت جماعات مسلحة منذ الأسابيع الأولى في تحويل التظاهرات إلى عمليات قنص وقتل دموية لم يعرف الرأي العام من وقف ورائها إلا مؤخراً، ولم يصدق اغلب الناس أن المتظاهرين أنفسهم بينهم من يحمل السلاح .

بدأ الاوتوبوريون المعركة لينتهي بهم الأمر رهائن في الخارج عند استخبارات دولية تعينهم في مناصب وهمية يعرفون هم ويعرف من هم على الأرض أن بينهم وبينها تنظيم قوي جداً اسمه  ” جبهة  النصرة في بلاد الشام.”

كيف ساهمت أميركا في تأمين الأرضية الملائمة لنشوء جبهة النصرة؟ وكيف تحولت تلك المنظمة المجهولة إلى أكبر قوة عسكرية وأمنية في صفوف ميليشيات يدعمها حلف الأطلسي ؟

دعونا اولا نشرح ما هي الاساليب الاميركية للتحشيد الشعبي ولتخريب دولة ؟

إنها الحرب الناعمة وأهم أدواتها هم ناشطي المجتمع المدني ممن نلقبهم هنا بالأوتوبوريين

– نشأت الأتبور ونشاطها في صربيا ( نجحوا في صربيا ) :

ألقيت محاضرة في كلية كندي في 5 تشرين الأول عام 2011 ألقاها كلاً من سيرغي ببو فيتش وسلبودان جينوفيتش  بجامعة هارفارد الأمريكية أعلنا فيها صراحةً أن منظمة أتبور تستهدف سورية منذ عام 2003 ( هذه المعلومة لم تكن جديدة على متابعي أتبور ولكن الجديد فيه الإعلان الصريح لأول مرة عن خطة أتبور طويلة الأمد لاستهداف سورية من قبل قادة هذه الحركة ) والذين يعتبرا من مؤسسي حركة أتبور الصربية ويملكان حالياً معهد كانفاس لتدريس طرق النضال السلمي .

– تأسست أتبور في صربيا في تشرين الأول عام 1998 وكانت القوة الدافعة خلف إسقاط نظام سلوبو دان ميلوسوفيتش المعادي للهيمنة الأوروبية والأمريكية على أوروبا الشرقية حيث قامت هذه الحركة بالتعاون مع الإعلام الغربي بشن حملة إعلامية هائلة ومليئة بالأكاذيب عن ميلوسوفيتش وأثارت ضده الرأي العام في صربيا وفي حين كان الناتو يقصف صربيا كانت أتبور تحشد الناس وتستعد لاجتياح الشارع إذا فشل الناتو عسكرياً وفي 5 تشرين الأول عام 2000 نجحت أتبور بتنظيم مظاهرة كبيرة أمام قصر ميلوسوفيتش فأعلن تنحيه استجابةً لطلبات شعبه وجاء هذا الأمر مفاجئاً لأتبور فكانت ماكينتهم الإعلامية تزور مختلف أنواع الأكاذيب عنه مثل                   ( تنظيم مذابح جماعية – إطلاق النار على المواطنين – تدمير البنى التحتية لبلده ) حيث لم يتوقع الأتبوريون استسلامه بسهولة رغم أنه يعرف أنه مطلوب لمحكمة الجنايات الدولية وبعد تنحيه طارده الأتبوريون واعتقلوه ثم سلموه لمحكمة الجنايات الدولية واستغرقت محاكمته عدة سنوات ولم تتم إدانته بأية تهمة وانتهت المحاكمة بموته بنوبة قلبية في سجن المحكمة .

وبعد إسقاطه دخلوا الانتخابات العامة بقائمة من 250 مرشحاً ولم يتمكن أي من مرشحيهم من النجاح وبقيت الحركة دون تمثيل برلماني .

– في تشرين الثاني عام 2000 نشرت مجلة نيويورك تايمز تحقيقاً صرح فيه بول مكارتي مدير منظمة المنح الديمقراطية الأميركية أن منظمته قدمت لأتبور ( ثلاثة ملايين دولار ) وأنه التقى قادة هذه الحركة عدة مرات ( الجدير ذكره أن منظمة المنح الديمقراطية تأسست عام 1989 وتتخصص بتمويل مشاريع الفوضى الخلاقة حول العالم ).

– رغم أن قادة أتبور يزعمون أنهم لا يقبلون أي دعم من أية حكومة بالعالم إلا أنهم يتلقون الدعم الأمريكي بشكل غير مباشر حيث حصلوا على منحة عام 2006 من المعهد الأمريكي للحرية هو (مؤسسة تابعة للكونغرس الأمريكي ) لإعادة انتاج المنهاج المعتمد في إسقاط الأنظمة مع التركيز على الشعوب والثقافة الإسلامية وحالياً لديهم منهاج تدريبي لإسقاط الأنظمة باللغة العربية وقد مولت مؤسسات أمريكية وأوروبية متعددة دراسة عدد كبير من الناشطين التونسيين والمصريين ولم يعرف بعد من هم الناشطون السوريون الذين درسوا فيه ومن الذي دفع لهم كلفة سفرهم ودراستهم .

2- تجربة الأتبور في جورجيا ( نجحت في جورجيا ) :

في عام 2000 تم انتخاب إدوارد شيفاردنادزة رئيساً لجورجيا للمرة الثانية وجاء هذا بعد نجاته من ثلاثة محاولات اغتيال جرت أعوام ( 1992 – 1995 – 1998 ) خلال حكمه عمل على تأمين استقرار جورجيا في محيطها المضطرب وعلى توازن علاقاتها مع جارتها روسيا القوية ومع الغرب رغم أن الغرب شن حملة إعلامية هائلة اتهم حكمه وأسرته بالفساد ( زوجته محررة في صحيفة خاصة – ابنته مديرة استديو تلفزيوني وزوجها رجل أعمال أنشأ شركات بتمويل أمريكي ) .

– تعرضت جورجيا خلال حكمه لعدة محاولات منها مثلاً محاولات انفصالية مرفقة بأعمال إرهابية في أوستيتيا وأبخازيا اللتين شهدتا مقتل حوالي عشرة آلاف جورجي ولكن حكمه القوي تمكن من إعادة الاستقرار إليها .

– في عام 1996 تأسست منظمة معهد الحرية للدفاع عن حقوق الإنسان فيها كانت بدايتها كحركة وطنية استفادت منها الحكومة واعتمدت العديد من مقترحاتها .

– في عام 2000 بدأ المعهد للتعرض لانشقاقات من قبل منظمات طلابية جامعية وأدى ذلك لظهور تيار طلابي جديد أطلق على نفسه اسم كمارا التي تعني ( كفاية ) واعتمد هذا التيار شعار يطابق شعار حركة أتبور الصربية حصلت كمارا على دعم منظمة معهد الحرية الأمريكي في مشروعها المعلن لمكافحة الفساد في قطاع التعليم ومن مؤسسة الحرية الأمريكية ومن معهد الديمقراطية الأمريكي ومن الاتحاد الأوروبي ومن المجلس الأوروبي واستخدم هذا التمويل لتجنيد أفراد وتدريبهم على التسويق السياسي والعلاقات العامة والإعلام وتجنيد الآخرين ومهارات النقاش السياسي وعلى منهاج إسقاط الأنظمة وفي عام 2003 أصبح تنظيم قوي في كل المدن الجورجية وجامعاتها .

– قبيل موعد الانتخابات البرلمانية فيها قامت الحكومات الجامعية لكمارا بتنظيم هيئة رقابة غير رسمية على الانتخابات , جرت الانتخابات البرلمانية في 2 تشرين الثاني عام 2003 وخضعت هذه الانتخابات لرقابة مجموعة من المنظمات الداعمة لحركة كمارا وفي اليوم التالي أعلنت هذه المنظمات أن الانتخابات قاصرة وفقاً للمعايير الديمقراطية وأن ميخائيل سكاشفيلي قد ربح الانتخابات وأعلن أنه لا يقبل إلا نتائج الاستطلاع الذي نظمته مجموعة مراقبة الانتخابات المحلية ودعا الجماهير للتظاهر في الشارع والعصيان المدني ضد السلطات وأعلن مشروعه بإسقاط الرئيس إدوارد شفياردنادزة .

– تسارعت الأحداث السياسية واشتعلت جورجيا بالمظاهرات المؤيدة والمعارضة للرئيس وفي 23 تشرين الثاني التقى شيفاردنادزة مع وزير الخارجية الروسي إيغور إيفانوف وبعد اللقاء خرج ليعلن استقالته من رئاسة جورجيا وأصبح لاجئاً سياسياً في ألمانيا .

– بعدها أكد معهد الدفاع عن الديمقراطية الأمريكي أن البليونير الأمريكي جورج سوروس أنفق 24 مليون دولار خلال ثلاثة شهور لإسقاط الرئيس الجورجي والقى في عام 2005 خطبة في العاصمة تبليسي قال أنه سعيد لأن مؤسسته ساهمت في تمهيد الطريق لثورة جورجيا .

– بعدها تولى العديد من موظفي مؤسسة سوروس مناصب كبيرة في النظام الجورجي الجديد حيث أصبحت جورجيا معادية لروسية وانتقل التوتر السياسي والعسكري بينهما للعلاقات الاقتصادية فارتفعت نسبة البطالة وانخفض الدخل الفردي إلى 200 دولار للأسرة شهرياً واعتمدت سياسية الرئيس الجديد سكا شفيلي على تحويل الاقتصاد الجورجي من زراعي إلى سياحي خدمي فتحولت من دولة منتجة إلى مستهلكة وبعد ذلك اختفت حركة كمارا بعد إسقاط النظام وانتقل قادته ليعملوا مع ثورة أوكرانيا عام 2004 .

سيريان تلغراف | عربي برس

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock