النظرية التي سوقتها وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون عشية لقاء الدوحة الذي انتج ائتلاف المعارضة السورية المرتبطة بالغرب كانت أن الولايات المتحدة تريد تكوين قوة معارضة قادرة على التصدي للمتطرفين و الإرهابيين الذين يتواجدون على الأرض السورية و بالتوازي انطلقت مساعي اميركية و تركية للعمل من اجل قيام تشكيلات عسكرية جديدة من دون مشاركة جبهة النصرة القاعدية و فصائل التكفير العالمي التي أرسلت إلى سورية و فاض عديدها بالآلاف في شوارع حلب و ريف دمشق .
أولا منذ بداية الاحداث أنكرت اميركا و الغرب وجود ميليشيات إرهابية تكفيرية و قوى تنتمي إلى شبكة القاعدة في سورية ثم انطلقت التصريحات و الإعلانات الأميركية عن الموضوع بعدما قدمت الصحف و وسائل الإعلام الغربية معطيات عديدة مقنعة و موثقة عن هيمنة جبهة النصرة القاعدية على النشاط المسلح في سورية ، و هو ما كان يفترض بحصيلته انقلاب الموقف الأميركي و الغربي إلى ضفة الدعوة لدعم الدولة الوطنية السورية في مجابهة الإرهاب عملا بالمعايير التي وضعها الغرب بعد 11 اتيلول 2001 و حكم بها العالم و اجتاح الأميركيون بواسطتها أفغانستان و تجريم الجهات و الدول المتورطة في تسليح الإرهابيين و تمويلهم ، لكن و كالعادة انتصرت الأولوية الإسرائيلية بتدمير سورية على اي حساب آخر .
ثانيا بعد صدور القرار الأميركي بوضع جبهة النصرة على لائحة المنظمات الإرهابية و فشل ائتلاف الدوحة في إظهار القدرة على تكوين هيكلية عسكرية مستقلة عن تحالف منظمات التكفير العشرين التي صرحت برفضها لمؤتمر الدوحة من حلب ، انقلبت أمس المعارضات السورية لتبني جبهة النصرة و شركائها و أصرت على تسميتهم بالثوار و هو ما حملته بيانات شجب إدراج الجبهة على لوائح الإرهاب الأميركية و التي صدرت دفعة واحدة يوم امس عن قيادة تنظيم الأخوان المسلمين و كل من معاذ الخطيب رئيس الائتلاف الجديد و جورج صبرا رئيس مجلس اسطنبول ، و هذه البيانات تتوج القاعدة على رأس مناهضي الدولة السورية و الرئيس بشار الأسد الذي يقود مقاومة شعبية و عسكرية ضد حرب عالمية ضارية و غير مسبوقة .
ثالثا تكشفت كذبة كلينتون و تحولت لفضيحة فالتحالف الذي رعته بات بإمرة القاعدة رسميا و هو الجهة التي اعترف باراك اوباما بصفتها التمثيلية المزعومة يوم أمس أيضا ، ليتاكد ان واشنطن لا توفر وسيلة غير اخلاقية في محاولة الثار لإسرائيل من سورية و شعبها و جيشها و قائدها ، الصامدة ضد العدوان الاستعماري و اداته شبكة القاعدة ، وجها لوجه ، و يتأكد بما لايقبل الجدل بعد المواقف الصادرة أمس ان الإرهابيين التكفيريين هم القوة التي تلقت النصيب الرئيسي من المال و السلاح بإشراف المخابرات الأميركية و التركية و الحكومتين السعودية و القطرية و هذه القوة هي التي تحارب السوريين اليوم و عندما يتبنى قادة تنظيم الأخوان المسلمين جهارا شبكة القاعدة و يزيحون خطا وهميا رسموه للتمايز عنها ، فذلك معناه ان حركة الأخوان باتت قوة إرهاب مذهبية فتاكة.
رابعا إن ما تقدمه الولايات المتحدة للشعب السوري هو إمارة متطرفة يحكمها السيافون و القتلة الذين يفتكون بكل من يخالفهم الرأي بالفتاوى السعودية و القرضاوية الجاهزة لتكفير السنة المخالفين لهم قبل سواهم من سائر مكونات الطيف السوري و هؤلاء القتلة الدمويين يمثلون خليطا من جنسيات عالمية متعددة حشد لتخريب سورية و لتدمير دولتها المقاومة ، و بالتالي سوف تظهر الأيام المقبلة ان المعارضات التافهة من محنطي فنادق تركيا و قطر و فرنسا لا تمثل شيئا في سورية و هي ألعوبة بيد القاعدة التي بات محسوما انها العصب الرئيسي للقوة التي تقاتل الجيش السوري و تفجر العبوات و تنفذ المجازر بحق السوريين و تشيع بربرية سوداء قاتلة و لن يكون من مفر امام اي سوري أو عربي يتمتع بالقدر القليل من المسؤولية إلا دعوة المعارضة الوطنية للحوار و المبادرة بشتى السبل لدعم الدولة الوطنية السورية في حربها على الإرهاب التكفيري و سيثبت السوريون كشعب حر و حضاري جدارتهم ببلدهم من خلال الانخراط المباشر في مقاومة الإرهاب بقيادة الرئيس الأسد الذي يمثل فكرة الدولة الحديثة و الديمقراطية مقابل إمارة السيافين و القتلة التي هي مشروع القاعدة و فصائل التكفير داعميهم بقيادة الإدارة الأميركية و حيث لا خيار بينهما .
غالب قنديل
(المقالة تعبر عن راي الكاتب، وهيئة التحرير غير مسؤولة عن فحواها)