اليوم شهد العالم حدثاً .. استثنائياً .. ديمقراطياً .. خليجياً .. غير مسبوق .
لقد سلّم الأمير .. السلطة للأمير …
هكذا تصنع الشعوب حضارتها و مستقبلها و ترسم حدوداً بعيدةً تكاد تلامس الغيم و هي تتغنى بالحرية , و حرية القرار و الاختيار .
هكذا تقدم دويلة قطر نفسها للعالم انموذجاً للديمقراطية و ” يحق ” لها أن تتزعم حركات التحرر و الحريات , و تدعم الشعوب المتعطشة للحرية و التغيير و تقرير المصير .
من أمير .. الى أمير ..
أمانة السلف تُوضع بيد الخلف .. كصندوق المجوهرات و محفظة الدولارات , و الشعب قال كلمته و تحققت أمنياته , و فُرزت الصناديق و جُمعت الأصوات , و فاز الأمير …
هل نعتبر ما حصل .. انقلابٌ أبيض أو تسليمٌ بالرضا و القناعة أم حاجة البلاد أم رغبة العباد … أم أوامر العم سام … أم ماذا ؟.
قد تكون الحقيقة مزيجٌ و خلطة أو من ضمن الخطّة .. و الأهم معرفة الدافع وراء تنحي أو إقصاء الأمير الأب , و كيف يمكن تفسير ما حصل …
– هل يغادر الأمير المقاتل أرض المعركة و في ذروتها ..؟.
– هل تراه تحسس النصر و أراد لولده جزءاً من مجده ؟.
– أم تأكد من الخسارة و استنجد بولده لسحب جثته ؟.
– هل تغيير رأس الأمير .. دلالة تغيير الجسد كله ؟.
– هل التغيير يعكس تجديد القوة كسباق التتابع .. و جاء دور العدّاء الصغير لمضاعفة السرعة و ضمان الفوز ؟.
– أم يعكس عدم الرضا عن الأداء و بالتالي يكون التغيير للتغيير سلباً أم ايجاباً ؟.
فإن كان سلباً .. فالتأخير عامين لن يترك للأمير الجديد أية فرصة للمتابعة و الفوز , و إن كان ايجاباً .. فلماذا صمت الأمير الصغير كل هذه المدة , و بالتالي يعتبر التغيير اقصاءاً و إزاحةً و إنقلاب أبيض في العلن أو أسود في الخفاء .
– هل التغيير قد تم بأمرٍ غربي- أمريكي .. فمن يأتي للسلطة بأمر لا بد و أن يغادر بمثله و التغيير هنا أداة بأداة ؟.
– و هناك من يروج للتغيير على أساس التوافق السوري – الأمريكي , و هذا بالضرورة ينتزع اعتراف العالم بالنصر السوري , و خاصةً الاعتراف الامريكي بذلك .
و هناك العديد من الطروحات الحقيقية أو البعيدة عن الواقع و الحقيقة … و ما يهمنا كعرب و سوريين :
أن يكون التغيير ناتجاً عن صحوة الضمير التي دفعت بالأمير نحو التوبة و الندم عساه يغسل يديه الملطخة بالدم العربي في سورية و في غير مكان .
لم تكن دويلة قطر على مدى الأعوام الماضية إلا أداةً بيد الغرب و الشّر و الحقد و الكراهية , و جل ما فعلته هو الابتعاد عن تعاليم الله تعالى و الغوص في سموم التطّرف و تشويه تعاليم الدين الحنيف , و التاّمر على الشعوب العربية و خاصةً السورية منها و لم تتوقف عند حدود إراقة دماء السوريين , بل سعت لتقديم الخدمات الجليلة للعدو الاسرائيلي الذي لم يكن ليحلم بها ( التفريط بالحقوق الفلسطينية ) .
فلم تعد قطر قطراً عربياً بل تحولت لأخطبوط ارهابي قاتل .. و سمٌ زعاف .. لا يشبع من القتل و القتل و القتل .
نأمل عودة كل ضالٍ و شاردٍ الى حضن العرب و العروبة , وكنف الاسلام .. الدين الحنيف .
قد يبدو هذا ضربٌ من المحال .. لا .. ليس محالاً فباب التوبة مفتوحٌ دائماً .. و الله تعالى يفرح بعودة الابن الضال في كل حين .
هاهي سورية – بنت العروبة الطاهرة – كما عهدها العرب الكبيرة و العظيمة و الحضن الدافىء و الذراع القوي الذي يحفظ الحقوق العربية و يصون كرامة الأمة .
لن نرد قتلكم بقتلٍ مثله , و لن نسفك دمكم انتقاماً , فنحن إخوةٌ و عربٌ و أولاد أمةٍ واحدة , ألا خسىء الشيطان فيكم , فلتكن دعوةٌ للأمير الصغير … كن صالحاً .. و اعلم أن القلم بيدك .. فلا تكتب اسمك بين الأشقياء .
إن كانت صحوةٌ .. فسورية ستسامحكم … و هل يملك قلبها الطاهر سوى التسامح و المحبة , هي الأم التي لن ترفض أخاً نادماً و عاد مصافحاً … فهذا عهد سورية و لو غضب الغاضبون .. فهذه حقيقةُ الطيّبون .. يغضبون و يسامحون و الى الله يتضرعون و يقولون ” حسبنا الله و نعم الوكيل ” .
سيريان تلغراف | ميشيل كلاغاصي
(المقالة تعبر عن رأي الكاتب، وهيئة التحرير غير مسؤولة عن فحواها)