الصحف العربية

المنار المقدسية: خروج حماس من الحاضنة السورية الآمنة أوقعها في التشتت

شكلت سوريا لسنوات طويلة الحاضنة الآمنة للتنظيمات والفصائل والحركات الفلسطينية، وتحديدا حركة حماس، وهذه حقيقة تعرفها وتدركها الولايات المتحدة وجهات غربية ودول الخليج وفي مقدمتها قطر والسعودية.

ورغم التجاوب مع دعوات باجراءات اصلاحية بسلسلة من التشريعات ووضع دستور جديد تم على اساسه مؤخرا اجراء الانتخابات البرلمانية الا ان دول خليجية وتحديدا السعودية وقطر بدعم امريكي اسرائيلي اوروبي تركي قامت بتجنيد عصابات مسلحة مع التركيز على الجماعات الاسلامية وما يسمى بالاسلام السياسي لنشر الفوضى في الساحة السورية ترجمة لمخطط دموي يستهدف ضرب سوريا وشعبها واشغال جيشها وفتح الطريق أمام ترتيبات اسرائيلية امريكية في المنطقة.

في بداية الأزمة حاولت حركة حماس ولفترة من الوقت البقاء على الحياد والامتناع عن اتخاذ موقف واضح من الأزمة السورية وأعلنت في أكثر من مناسبة أن الموضوع يعتبر شأنا داخليا سوريا.

الا أن هذا الموقف الذي وصف بداية الازمة بالعقلاني من قبل قيادات حماس لم يستمر طويلا تحت ضغوط الحرب الاعلامية والتحريض الاعلامي ضد شعب سوريا وقيادته، يضاف الى ذلك ضغوط جماعة الاخوان والدول الخليجية على حماس وبأشكال مختلفة من بينها الضغط المالي، بدأت أجنحة في حماس تتجاوب مع أطراف المؤامرة وأدواتها، ومطالب الجماعات المسلحة التي تمارس عنفا دمويا ضد أبناء سوريا، هذه الاجنحة بدأت أيضا المطالبة بضرورة الاعلان عن موقف يتلاءم مع مواقف حركة الاخوان خاصة بعد الصعود السريع للجماعة في مصر وتونس، فقررت حماس الخروج من الحاضنة السورية الامنة.

وكما خططت له الجهات الداعمة للمسلحين قامت حماس بنقل أعمالها ومكاتبها الى الدوحة، ولجأت قيادات أخرى الى القاهرة لتقيم هناك بشكل مؤقت بانتظار ما قد تنتج عنه انتخابات الرئاسة المصرية.

ان مغادرة حماس للحاضنة الامنة السورية أضعف موقف الحركة كثيرا ودخلت حماس مرحلة جديدة في تاريخها، هي مرحلة التشتت ليس فقط فيما يتعلق بالمكان ولكن، ايضا التشتت في المواقف على صعيد العلاقات بالدول والحركات الاخرى وكذلك على الصعيد الداخلي والمصالحة مع حركة فتح، حيث لا تستطيع الحركة اليوم أن تبني مواقفها وارائها انطلاقا من مصالحها أو من المصالح الوطنية العليا، وانما على أساس ودوافع ومواقف ورغبات المستضيفين الجدد لقيادات حماس في قطر.

أما بالنسبة للقوى الداعمة لاشراك ما يسمى بقوى الاسلام السياسي في ادارة الاوضاع الجديدة في منطقة الشرق الاوسط واولئك الراغبون في اشراك حماس في عملية السلام الهادفة الى حل الصراع الاسرائيلي ـ الفلسطيني فان خروج حماس من الحاضنة السورية يسهل عملية استدراج الحركة نحو الانخراط في عملية سياسية تقودها أمريكا واوروبا للوصول الى حل مؤقت للصراع لفترة انتقالية طويلة الامد.

فحركة حماس اليوم سواء في الداخل أو في الخارج لم تعد تؤمن بالخيار العسكري وأن أي تلويح بشعارات المقاومة أو العمل المسلح هي شعارات للاستهلاك الداخلي فقط، دون تطبيق على الارض لحركة ترغب في السيطرة على الشأن السياسي الفلسطيني وقيادة الفلسطينيين ليس فقط في الداخل بل ايضا اختطاف منظمة التحرير والسلطة ومؤسسته التشريعية والرئاسية. وما دامت هناك رغبة متبادلة بين القوى الداعمة لمشاركة حماس في عملية السلام والقبول من جانب حماس بالدخول الى قاعة المفاوضات فان المسافة تصبح قصيرة جدا لتحقيق هذا الهدف.

بعض الخبراء والمطلعين على ما يدور داخل الغرف المغلقة في العواصم التي تشرف على اشعال الازمات في الشرق الاوسط لصالح المخطط الامريكي الاسرائيلي ذكروا لـ (المنــار) أن المساعي التي تبذل حاليا واللقاءات التي تعقد في اكثر من عاصمة وساحة لاقناع حماس بضرورة مشاركة أجنحة الاخوان في الدول العربية في اللعبة السياسية.. هذه المساعي قطعت شوطا بعيدا!!

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock