Site icon سيريان تلغراف

لماذا تريد واشنطن من موسكو أن تتخندق معها ضد “داعش” ؟

فيما تتعثر الحرب التي تقودها ضد تنظيم “الدولة الإسلامية” في العراق وسوريا، أبدت واشنطن استعدادها للتعاون مع روسيا في سوريا ضد “داعش”.

هذا الموقف يدل على أن الولايات المتحدة لا تزال تصر، كما كانت دائما، على أن يسير الجميع خلفها، وأن يتبنوا مواقفها وسياساتها، وكل من يخرج عن نهجها يتعرض لشتى أنواع الضغوط والعقوبات ومحاولات العزل.

تخطئ واشنطن، وتشعل الحرائق في مناطق من الشرق الأوسط بيدها كما فعلت في العراق وأفغانستان وليبيا أو عبر وسطاء مثلما هو الحال في سوريا، ثم تطلب من الآخرين أن يصطفوا إلى جوارها ويشاركوا في علاج تبعات أخطائها الفادحة، فإذا لم يفعلوا يوصفون بأنهم مسؤولون عن استمرار الحريق الذي أشعلته وتمده بالحطب، متظاهرة أنها تحاول إخماده.

وفي هذا السياق، أعلن البيت الأبيض أن واشنطن ستسعى في مباحثات مرتقبة إلى أن تطلب من روسيا تركيز جهودها على مواجهة تنظيم “الدولة الإسلامية”، لافتا إلى أن “الإجراءات العسكرية الروسية داخل سوريا، اذا ما استخدمت لدعم نظام الأسد، من شأنها أن تزعزع الاستقرار وتأتي بنتائج عكسية”.

تريد واشنطن بهذا الموقف من روسيا أن تتخندق معها ضد تنظيم “الدولة الإسلامية” في سوريا وفق القواعد التي وضعتها لهذه الحرب التي تدور في حلقة مفرغة، ما يثير شكوكا في أنها لا تهدف إلى القضاء على خطر هذا التنظيم بل إلى إدارة الصراع بإيقاع محدد.

البيت الأبيض شدد على رغبة واشنطن في أن يقدم الروس للتحالف الدولي الذي تقوده واشنطن ضد داعش “مساهمات بناءة” ، ولهذا السبب ترى واشنطن أنها منفتحة على موسكو لإجراء “مناقشات تكتيكية وعملية مع الروس بهدف تعزيز أهداف التحالف ضد (تنظيم) “الدولة الإسلامية” وضمان سلامة عمليات التحالف”.

ضربات التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة ضد مواقع “داعش” في سوريا كانت بدأت في 19 سبتمبر عام 2014، ولا يزال التنظيم في كامل قوته مسيطرا على نفس المساحة التي كانت بحوزته منذ عام، فيما بدأت حرب الولايات المتحدة الجوية ضد “داعش” في العراق قبل ذلك في 8 أغسطس، إلا أن كلا الجبهتين ظلتا على حالهما من دون أي نتائج ملموسة.

ولم يجد المسؤولون الأمريكيون ما يتفاءلون به في حربهم المتعثرة في العراق وسوريا، بل لم يجدوا على الأرض ممن قاموا بتدريبهم وتسليحهم من المعارضة السورية “المعتدلة” إلا 4 أشخاص. لذلك يبحثون الآن عمن يتخندق معهم، حتى أن الجنرال ديفيد بترايوس مدير وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية السابق اقترح على بلاده ضم مقاتلين من “جبهة النصرة” المرتبطة بتنظيم “القاعدة” إلى التحالف الذي تقوده لمحاربة تنظيم “الدولة الإسلامية” في سوريا.

موسكو بدورها، أكدت مرارا رفضها المشاركة في أي جهود خارج القانون الدولي، ومن دون تفويض من مجلس الأمن. ووصفت على لسان وزير خارجيتها سيرغي لافروف التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة بأنه لم يقم على قواعد سليمة، مشددة على عدم جواز محاربة الشر بأساليب غير شرعية، وعبر انتهاك سيادة بلد مستقل وتجاهل حكومته.

بدل أن تسعى الولايات المتحدة إلى مراجعة سياساتها ومعالجة أخطاء الماضي، تواصل نهجها التقليدي في محاولة حشد الجميع وراءها على إيقاعها الخاص، رافضة أي سياسة مستقلة تحاول ذاتيا من دون إملاء أن تعمل على إطفاء حرائق الشرق الأوسط التي تخرج أكثر فأكثر عن السيطرة.

سيريان تلغراف | محمد الطاهر

Exit mobile version