مقالات وآراء

ماذا طرأ على الموقف الدولي من الأسد ؟

ظهرت مؤخرا بوادر تحول لافت في مواقف أطراف دولية من الرئيس السوري بشار الأسد، حيث توالت تصريحات تدعو إلى مشاركته في المرحلة الانتقالية بعد أن كانت تردد موقفا يطالب بتنحيه الفوري.

ساهمت عوامل عديدة في إدخال “تعديلات” جوهرية على مواقف أطراف دولية من مستقبل الأسد. تعديلات جاءت متأخرة، وكان على سوريا والمنطقة والعالم أن تدفع ثمنا باهظا حتى يعود هؤلاء السادة عن إصرارهم على الإطاحة بالأسد ليتوج فصل الربيع الدموي في هذا البلد بالفوضى كبعض نظرائه في المنطقة.

احتاج الساسة الدوليون لإعادة النظر في موقفهم “المبدئي” من الأسد إلى أكثر من 4 سنوات من الاقتتال، وإلى نحو 350 ألف قتيل، وإلى تدمير سوريا بشكل شبه كامل، وتمدد تنظيم “الدولة الإسلامية” في الشام وبلاد الرافدين، واستشراء خطره بعد أن عجزت الضربات الجوية الدولية بقيادة الولايات المتحدة طوال عام عن إزعاجه بشكل جاد.

الرئيس-السوري-بشار-الأسد

وتبعا لذلك، مثّل تدفق مئات الآلاف من اللاجئين السوريين على الدول الأوروبية، علامة ساطعة على الفشل الدولي في إدارة الأزمة السورية من خلال إضرام نيرانها بالسلاح والأموال للتخلص من النظام السوري، ما مهد الطريق أمام التنظيمات المتطرفة وأتاح لها الفرصة لتتمدد وتضاعف قوتها الغاشمة التي تصب منذ أعوام حممها على البشر والحجر.

 آخر المواقف الجديدة من الأسد ظهر في تصريح صحفي لوزيرة الخارجية الأسترالية جولي بيشوب، دعت فيه إلى ضرورة مشاركة الرئيس الأسد في اتخاذ القرار بشأن تسوية النزاع في بلاده، مشيرة إلى ظهور وجهة نظر في بعض الأوساط تقول إن خيار الحل الوحيد الممكن لسوريا يتمثل في حكومة وحدة وطنية تشمل الأسد.

لم تكتف بيشوب بذلك، بل قالت إن هناك توافقا على أن نظام الأسد هو “دعامة” الحفاظ على الدولة السورية والحرب على الإرهابيين.

وكانت رئيسة الدبلوماسية الأسترالية حذرت في مارس الماضي من أن المعركة ضد تنظيم “الدولة الإسلامية” يمكن أن تستمر جيلا كاملا، مقرة بأن هذا التهديد العالمي يبقيها “مستيقظة طوال الليل”.

موقف وزيرة الخارجية الأسترالية الذي يختلف تماما على مواقف بلادها السابقة، يقترب بشكل ملحوظ من الموقف الروسي الذي ينادي منذ بدء الأزمة بضرورة احتواء الأزمة ومعالجتها دبلوماسيا وعدم تأجيجها كما تفعل أطراف دولية وإقليمية.

ويمكن الإشارة في هذا الصدد إلى تصريح الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لقناة “سي بي إس” الأمريكية، حيث أكد على أن حل الأزمة السورية غير ممكن إلا بتعزيز الحكومة الشرعية الموجودة وإقناعها بالحوار مع جزء المعارضة السليم وبإجراء إصلاحات، مضيفا “لا توجد طريقة أخرى لحل الأزمة السورية عدا تعزيز مؤسسات الحكومة الحالية وتقديم المساعدة لها في الحرب على الإرهاب، لكن وفي الوقت ذاته تشجيعها للدخول في حوار مع القسم السليم من المعارضة وإجراء إصلاحات”.

واكتفى وزير الخارجية الأمريكي جون كيري السبت الماضي بالمطالبة بتنحي الأسد تدريجيا وليس فوريا كما كان يتردد في التصريحات الأمريكية على مختلف المستويات.

وكشف مسؤولون أمريكيون لاحقا أن كيري يعد مبادرة جديدة لحل الأزمة السورية سيناقشها مع الأطراف المعنية الأسبوع المقبل في نيويورك على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة بهدف “اختبار عدة أفكار” لنهج جديد.

وقد يكون الدعم العسكري الروسي الهام الذي وصل إلى سوريا مؤخرا أحد العوامل الهامة لاتخاذ الدبلوماسية الأمريكية هذه الخطوة تجاه هذه الأزمة المستفحلة.

تحولت عملية إعادة النظر في مواقف أطراف دولية فاعلة من الأسد بسرعة إلى ظاهرة دولية، إذ أدلى وزير الخارجية البريطاني فيليب هاموند والمستشارة الألمانية أنغيلا ميركل بتصريحات تحمل مضمونا متقاربا يقر بدور “انتقالي” للأسد.

وتبنى الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، أحد أشد خصوم الأسد هذا الموقف الجديد، حيث صرّح أن الرئيس السوري بشار الأسد يمكن أن يشكل جزءا من مرحلة انتقالية في إطار حل للأزمة السورية.

سيريان تلغراف | محمد الطاهر

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock