مقالات وآراء

روسيا .. وملء الفراغ الذي تسببت به الولايات المتحدة في العراق وسوريا

بعد تسريبات وأنباء غير موثوق في صحتها، أكدت قيادة العمليات المشتركة للقوات المسلحة في العراق وجود تعاون استخباراتي وأمني مع كل من روسيا وسوريا وإيران، بهدف التصدي لتهديد “داعش”.

استباقا لخطاب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في الجمعية العامة للأمم المتحدة والاجتماع المزمع عقده مع الرئيس الأمريكي باراك أوباما في نيويورك، والمتوقع أن تتم الدعوة فيه إلى جهد جماعي ضد داعش، نقلت وكالة إنترفاكس الروسية عن مصدر عسكري روسي قوله إن كلا من روسيا وسوريا والعراق وإيران تعتزم تشكيل مركز معلوماتي في بغداد لتنظيم عمليات مكافحة “داعش”.

المصدر أشار إلى أن المركز سيضم ممثلين عن هيئات الأركان العامة للدول الأربع، كاشفا أن عمله سيتمحور حول جمع المعلومات وتحليلها بشأن الوضع في الشرق الأوسط واستغلال هذه المعلومات في مكافحة التنظيم المتطرف.

معارك-في-العراق

المهمات الرئيسية للمركز المذكور سترتبط بجمع المعلومات المرتبطة بالوضع في الشرق الأوسط ومعالجتها وتحليلها بما يكفل إيجاد سبل ناجعة لمحاربة تنظيم “داعش”، على أن يتم أيضاً تبادل تلك المعلومات وإيصالها إلى الجهات المعنية ونقلها إلى هيئات أركان جيوش الدول المشاركة في هذا المجهود الخاص.

تفاصيل إضافية عن هذا الأمر جاءت على لسان سعد الحديثي، المتحدث باسم مكتب رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي، إذ أوضح أن هناك لجنة مشتركة ستشكل بين ممثلين عن الدول الاربع، وسيكون هناك ممثل عن الاستخبارات العسكرية العراقية فيها، بحيث تقوم اللجنة بأداء عملها على أساس “متابعة خيوط الإرهاب ومتابعة الإرهابيين”.

وأكد الحديثي ضرورة بذل جهد مشترك للتنسيق والتعاون يكون في مصلحة العراق ويخدم مسعى الحكومة الرامي إلى تحقيق الانتصار في الحرب على الإرهاب.

قناة “فوكس نيوز” الأمريكية كانت قد ذكرت في وقت سابق، نقلاً عن معلومات استخبارية غربية، أن العسكريين الروس والسوريين والإيرانيين أقاموا مركز تنسيق في بغداد في محاولة لبدء الحرب ضد “داعش” واضافت نقلا عن هذه  المصادر أن خلية التنسيق ستضم جنرالات روس على مستوى منخفض وليس من الواضح ما إذا كانت الحكومة العراقية ستشارك في الوقت الراهن.

ومع أن وزير الخارجية العراقي إبراهيم الجعفري قد نفى الجمعة، علمه بوجود خبراء عسكريين روس في العراق للتنسيق مع القوات العراقية، فقد جاء بشكل مفاجئ بيان مخالف أصدرته قيادة العمليات المشتركة للقوات المسلحة العراقية كشفت فيه عن تعاون استخباراتي وأمني مع كل من روسيا وإيران وسوريا لمواجهة التهديد الذي يمثله داعش..

وكالة الأنباء العراقية قالت إن الاتفاق جاء مع تزايد قلق موسكو من وجود آلاف الإرهابيين الذين قدموا من روسيا والذين يقومون بارتكاب أعمال إجرامية مع “داعش”، مضيفة أن هذا التحرك يزيد من نفوذ روسيا في الشرق الأوسط، مشيرة في الوقت ذاته إلى أن زيادة المخاطر في الحرب الأهلية الدائرة في سوريا منذ أربع سنوات قد دفعت موسكو وواشنطن إلى توسيع قنوات التواصل الدبلوماسي بينهما.

مصدر إعلامي بارز أكد أن المركز الذي تم الإعلان عنه يكشف عن وجود روسي مباشر في سوريا والعراق، ولكنه يقتصر على استخدام الضربات الجوية وعلى إمداد الجيش السوري والقوات العراقية بالمعدات العسكرية المتطورة، من دون أن تغامر روسيا بقواتها في معركة عسكرية على الأرض.

المصدر ذاته أشار إلى أن روسيا قد تأخذ زمام المبادرة من أيدي الإيرانيين، وتفرض أمرا واقعا في سوريا.

ولابد أن نذكر هنا بتناقضات وغموض تصريحات المسؤولين الأمريكيين بشأن هذه القضية، خصوصا ما يتعلق بالتدخل العسكري الروسي الأخير في سوريا، فقد قال المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية الأمريكي جون كيربي إن واشنطن تراقب ما يجري في سوريا عن كثب وأنها تعلم ما يقوم به الروس. يأتي ذلك في وقت صرح فيه وزير الخارجية جون كيري بأن التواجد العسكري الروسي مخصص للإجراءات الدفاعية في الوقت الراهن.

ختاما هناك أسئلة متعددة وسط هذه التناقضات في التصريحات بشأن تشكيل هذه الغرفة البغدادية، ومن هذه الاسئلة: هل بغداد فعلا أصبحت مركز شرق أوسطي لغرفة معلومات روسية إيرانية عراقية مشتركة في مواجهة “داعش”؟ وهل غرفة بغداد “الشرق أوسطية” ستحل محل التحالف الدولي ضد “داعش” أم تعززه وتتعاون معه؟ وإن صح ذلك، فهل تملأ روسيا الفراغ الذي تسببت به الولايات المتحدة في العراق وسوريا؟ وهل ستنجح روسيا في سوريا تحقيق ما عجز عنه آخرون في سوريا والعرق؟ وهل غرفة عمليات بغداد المشتركة تواصل أم تصادم أمريكي روسي في الشرق الأوسط؟ قد يأتي الجواب عن هذه الاسئلة وغيرها بعد اجتماع بوتين بأوباما وقد تحمل الأسابيع المقبلة الأجوبة والنتائج.

سيريان تلغراف | عمر عبد الستار

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock