عالميمحلي

باريس تعيد إحياء فكرة المنطقة الأمنة شمالي سوريا

قال الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند إن بلاده ستبحث مع شركائها في الأيام المقبلة اقتراحا طرحته تركيا وأعضاء في المعارضة السورية بإقامة منطقة حظر طيران في شمال سوريا.

لا يشكل هذا الإعلان تطورا جديدا في الخطاب السياسي الفرنسي، فقد أيدت باريس العام الماضي طلب تركيا إقامة منطقة آمنة، لكن أهمية تصريح الرئيس الفرنسي تكمن في توقيته، حيث جاء بعد أسبوع من إعلان رئيس المجلس الأوروبي دونالد توسك أن أوروبا ليست بحاجة إلى المنطقة الآمنة شمالي سوريا، لأن الأتراك يقترحون إقامة المنطقة على مساحة ثمانين كيلو مترا مع تواجد أوروبي ـ أمريكي وسيطرة عسكرية ومنطقة حظر جوى وتواجد على الأرض.

منظومة-صواريخ-باتريوت-الأمريكية-للدفاع-الجوي

كما جاء تصريح فرانسوا هولاند بعيد مشاركة فرنسا بشكل مباشر في العمليات العسكرية التي يشنها التحالف الدولي ضد تنظيم “داعش”، الأمر الذي يشير إلى أن باريس تتجه نحو تكثيف دورها في سوريا إلى ما يتجاوز حدود الغارات العسكرية على التنظيم.

وعلى الرغم من محاولة هولاند دغدغة مشاعر الدول الأوروبية التي تعاني من ارتفاع منسوب الهجرة بتأكيده أن المنطقة الآمنة يمكن أن تصبح ملاذا للاجئين خارج سوريا، فإن أسئلة تطرح حول النوايا الفرنسية مع الرفض الأوروبي ـ الأمريكي ـ الروسي لها، خصوصا أنها لا تعاني من ارتفاع معدلات اللجوء إليها.

تقوم المقاربة التركية ـ الفرنسية بحسب مسؤولين من كلا البلدين، على إنشاء منطقة آمنة تمتد من أعزاز إلى جرابلس، تقام عليها ثلاث مدن يمكن لكل منها استقبال 100 ألف شخص، وفيما يقتصر الدور الفرنسي على إقناع الفرقاء الغربيين بهذه الخطوة وتحمل التكلفة المادية لها، تقوم تركيا من جانبها مع فصائل مسلحة “معتدلة” بإنشاء المنطقة الآمنة.

لكن إمكانية تحول فكرة المنطقة الآمنة إلى واقع متحقق دونه صعوبات كثيرة، حيث تواجه الفكرة على الصعيد الأوروبي رفضا من برلين ولندن، كما تواجه رفضا من واشنطن، حيث تخشى الإدارة الأمريكية أن تتحول المنطقة الآمنة إلى قاعدة عسكرية موجهة ضد قوات الحكومة السورية، وضد قوات حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي، أحد أهم حلفاء واشنطن المحليين في حربها ضد “داعش”.

ليست الولايات المتحدة الآن وحلفاؤها الأوروبيون بصدد تشتيت الانتباه نحو أي معركة بعيدا عن “داعش”، وهذا ما تدركه أنقرة جيدا، ويبدو من التصريحات الأمريكية خلال الفترة السابقة، أن واشنطن ليست متسرعة كتركيا في إنشاء منطقة عازلة قبيل تحقيق هدفين:

1ـ تحقيق إنجاز عسكري ضد تنظيم “داعش” وإجباره على الابتعاد عن الحدود الشمالية لسوريا.

2ـ وضوح طبيعة القوى المعارضة المعتدلة التي سيناط بها مهمة السيطرة على المنطقة العازلة.

الخلاف التركي ـ الأمريكي يعود إلى اختلاف أولويات كل طرف: تركيا تضع نصب أعينها إسقاط الحكم في سوريا والحيلولة دون تشكل كيان كردي شمالي البلاد من شأنه أن يشكل عمقا استراتيجيا للأكراد في الجنوب التركي، أما الولايات المتحدة، فتضع نصب أعينها محاربة “داعش” في المقام الأول مع ترك مسألة إسقاط الحكم في دمشق إلى مرحلة لاحقة.

وتستخدم أنقرة مسألة الهجرة إلى أوروبا لممارسة ضغوط كبيرة على العواصم الأوروبية، وكان آخر هذه الضغوط رفض الحكومة التركية طلب الاتحاد الأوروبي إقامة مخيمات على أراضيها لاستقبال وتسجيل اللاجئين السوريين، بحيث تتحول هذه المخيمات إلى مسكن إجباري للاجئين لا يستطيعون مغادرته، الأمر الذي سيخفف من حدة اللجوء نحو أوروبا.

سيريان تلغراف

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock