تحقيقات وتقارير

لماذا لن يتخلى أحد عن فكرة “الخلافة” ؟

تحت هذا العنوان كتب المحلل السياسي اليكسي مالاشينكو مقالة في صحيفة “RBK” تساءل فيها، ما الذي سيحصل بـ”داعش” إذا انتصر أي تحالف من التحالفات على التنظيم؟

ويقول الكاتب:” على الأغلب سيظهر بسرعة تنظيم مشابه له”. ويضيف من المعروف أن الإرهابيين الناشطين في الشرق الأوسط اليوم يطلقون على شبه الدولة التي أقاموها، أسم الخلافة بالذات، أي النظام الذي ظهر في القرن السابع عشر واستمر عدة قرون. إنها محاولة لترميم ذلك النظام، طبعا، مع الأخذ بالاعتبار الواقع الحالي.

داعش

يمكن بالطبع شطب عبارة “الدولة الإسلامية” من وسائل الإعلام كما يدعو الكثيرون ولكن منع كلمة “الخلافة” غير ممكن لأن هذا المفهوم مقبول ومستخدم في العالم الإسلامي ويعتبره الملايين المسلمين، الشكل المثالي لبناء المجتمع وهم ينحون لتطبيقه بمختلف الوسائل والطرق.

يرغب الإسلاميون بتشييد دولة ومجتمع على أساس التقاليد الإسلامية والشريعة. أنهم يصرون على شكل إسلامي لنظام الدولة ليكون بديلا لكل النماذج القائمة حاليا.

يطلق على الإسلاميين أيضا تسمية الإسلاميين الراديكاليين. وهذا صحيح لأنهم يصرون على إعادة بناء المجتمع بشكل جذري. وهناك 3 أنواع من الراديكاليين الإسلاميين:

النوع الأول يتواجد فيه كل يرى أنه يمكن تحقيق الهدف بواسطة السير على طريق الإصلاح ولا حاجة للعجلة لأن المجتمع يجب أن يسير بشكل هادئ بدون صدمات أو تجاوزات مع الصعود إلى الأعلى في تحقيق الهوية الدينية. ويرى هؤلاء أن الإسلام في نهاية المطاف يعطي الجواب على كل المسائل الدنيوية – كيف يجب أن تبنى الدولة الإسلامية، وكيف يجب تحقيق العدالة الاجتماعية وكيف يجب إقامة الاقتصاد الاسلامي. المطلوب فقط التحلي بالصبر. هذه مجموعة الراديكاليين المعتدلين.

في المستوى الثاني يوجد كل من يريد تسريع عملية أسلمة الدولة والمجتمع. هذه الجماعة تعمل بحيوية أكبر وتشارك بنشاط في النضال السياسي – في البرلمانات وفي الشارع. ومن المعروف أن الشارع الاسلامي يشكل قوة جدية فعلا. وهذه الفئة يمكننا أن نسميها بالإسلامين الراديكاليين وهم يتواجدون في كل مكان – من المحيط الاطلسي إلى المحيط الهادئ. وتزاد قوة ونفوذ الراديكاليين، وفي بعض الاحيان يصلون الى السلطة في بعض المناطق لفترة طويلة مثل ايران وفي بعض المناطق الاخرى لفترة قصيرة مثل فوز محمد مرسي ممثل “الاخوان المسلمين” بمنصب رئيس الجمهورية في مصر في 2012-2014.

في المستوى الثالث يقف المتطرفون المتعصبون المندفعون نحو بناء دولة إسلامية على شكل خلافة وفورا. أنهم على استعداد للقيام باي شيء من أجل تنفيذ هدفهم. ويقومون بمعاقبة كل من لا يوافقهم بقسوة وبلا هوادة.

ويجب القول أن “الدولة الإسلامية”- الخلافة التي ظهرت في الشرق الأوسط في 2014 هي عبارة عن مزيج من الراديكاليين والمتطرفين المتشددين مع تأثير أكبر للطرف الأخير . الصفة التي تميز “داعش” عن بقية المنظمات والتشكيلات المتطرفة الأخرى تكمن في أنها “داعش” تدعي فعلا وتحاول إقامة شكل ما لدولتها مع تكوين الهياكل والمؤسسات اللازمة الإدارية والعسكرية والمالية والاجتماعية والتعليمية وحتى الطبية. يعتقد البعض أن الخلافة أصبحت حقيقية، وإن كانت غير كاملة ولم تحصل لبعض الوقت بالاعتراف الرسمي من الشرعية الدولية.

هناك تضارب بين الراديكاليين والمتشددين المتعصبين. من المعروف أن التعصب ينفي الراديكالية ويرفضها ويشوه سمعتها. والراديكالي دائما يتسم بالبراغماتية ويحقق هدفه دائما ولو بقسوة وشدة، ولكن بدون تجاهل الوضع المحيط به. أما المتعصب فتراه يتصرف مسترشدا فقط بطموحاته ومع استخدام أي أسلحة تتوفر بيده حتى لو كانت نووية أو كيميائية أو البكتريولوجية.  والخطر يكمن في أن أي راديكالي يمكن أن يتحول بسرعة إلى متعصب متشدد. وهذا الانتقال قد يكون سريعا كما هو الحال في الشرق الاوسط.

تحارب في الوقت الراهن عدة تحالفات دولية ضد “الدولة الإسلامية”- الخلافة ويترافق ذلك بالنجاح والفشل من فترة لأخرى ومن غير المستبعد أن يتم تنفيذ عملية برية ضدها ولكن التجارب السابقة تدل على أنه من الصعب حتى على القوات الخاصة المتدربة جيدا أن تقاتل بفعالية ضد الإسلاميين.

إذا وقعت الحرب البرية، فستكون طويلة حتما من حيث الزمن ولكن حتى لو انتهت بالنصر فلن يعترف الإسلاميون بالهزيمة وسيصرون على النضال في سبيل الخلافة ومن اجل تطبيق الإسلام الحق. سيستمر النزاع في الشرق الأوسط وسيترافق بعمليات بين الحين والاخر. والأهم من كل ذلك أنه وبعد القضاء على البنية الأساسية لـ”داعش”، سيفر أنصارها إلى دول أخرى وسيعود المسلحين الأجانب إلى بلادهم بما في ذلك إلى آسيا الوسطى والقوقاز الروسي وأفغانستان وأوروبا.

سيريان تلغراف

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock