مقالات وآراء

الأسد يغير قواعد اللعبة السياسية

موقف الحكومة السورية الرافض لهيئة حكم انتقالية ذات صلاحيات تنفيذية كاملة أمر معروف، كما هي معروفة أيضا مطالبتها بتشكيل حكومة انتقالية.

لكن الجديد أن يأتي تفصيل الموقف السوري من الرئيس بشار الأسد نفسه، في خطوة هي الأولى من نوعها منذ سنوات، وعبر وكالة إعلامية روسية.

لقد وضع الأسد قواعد العملية التفاوضية وحدد مسارها قبل أن تبدأ. فهيئة الحكم الانتقالية ليست واقعية ولا دستورية، والحل هو تشكيل حكومة انتقالية تضم موالين للدولة ومن المعارضة ومن قوى مستقلة.

بشار-الأسد

لكن موقف الأسد لم ينته هنا، بل تعداه إلى ضرورة إقامة الحكومة الانتقالية استنادا إلى الدستور الحالي: “لا بد أن يكون الانتقال السياسي تحت الدستور الحالي حتى يصوت الشعب السوري على دستور جديد.. لا يوجد تعريف للمرحلة الانتقالية.. نعتقد أن تعريف مفهوم الانتقال السياسي هو الانتقال من دستور إلى دستور آخر، والدستور هو الذي يعبّر عن شكل النظام السياسي المطلوب في المرحلة المقبلة. إذا، المرحلة الانتقالية لا بد أن تستمر وفق الدستور الحالي”.

وهذه النقطة مخالفة لوثيقة المبعوث الأممي الخاص إلى سوريا ستيفان دي ميستورا، ومخالفة للقرار الدولي 2254، الذي يُعد المرجعية السياسية لمفاوضات جنيف؛ حيث جاء في الفقرة الرابعة من القرار: “يعرب مجلس الأمن عن دعمه لعملية سياسية بقيادة سورية تيسرها الأمم المتحدة وتقيم، في غضون فترة مدتها ستة أشهر، حكما ذا مصداقية يشمل الجميع ولا يقوم على الطائفية، وتحدد جدولا زمنيا وعملية لصياغة دستور جديد، ويعرب كذلك عن دعمه لانتخابات حرة ونزيهة تجرى، عملا بالدستور الجديد، في غضون 18 شهرا تحت إشراف الأمم المتحدة”.

وثمة أسئلة عن القوى، التي ستشارك في كتابة الدستور، وعن القوى التي ستشارك أيضا في الحكومة الجديدة، ويخشى أن تتجه دمشق إلى فرض الأمر الواقع من خلال حكومة تضم قوى تقبل بها، وانتخابات تشريعية تُجرى قريبا، ودستور من هذه الأطراف المقبولة.

وماذا عن الانتخابات البرلمانية المقررة الشهر المقبل؟ هل ستؤجل إلى حين الانتهاء من الدستور، أم لا؟ ذلك أن إجراء الانتخابات قبل تعديل الدستور سيجعل من الانتخابات خطوة ليس لها معنى، وسيحبط الغاية السياسية من إجرائها.

لكن هذا الموقف سيكون مرفوضا بالجملة من قبل المعارضة، التي سرعان ما أعلنت على لسان أكثر من شخصية قيادية، ومنهم عضو الهيئة التفاوضية العليا جورج صبرا أن “الحكومة إن كانت جديدة أو قديمة، طالما أنها في وجود بشار الأسد، فهي ليست جزءا من العملية السياسية، لذلك ما يتحدث عنه الأسد لا علاقة له بالعملية السياسية”.

كما بدت تصريحات الأسد مرفوضة من قبل واشنطن، التي أعلنت بعد ساعات من إعلان تصريحات الأسد؛ إذ استبعد المتحدث باسم البيت الأبيض جوش إيرنست مشاركة الأسد في حكومة جديدة ردا على قوله “إنه لن يكون من الصعب الاتفاق على حكومة سورية ائتلافية جديدة تضم شخصيات من المعارضة ومستقلين وموالين.

وفي كل الأحوال، من الواضح أن صناع القرار في سوريا ليسوا في وارد تقديم تنازلات سياسية، أكثر من القبول بمجرد العملية السياسية. والآن تحاول دمشق تفريغ جولة جنيف المقبلة من محتواها، من خلال التشديد على أولوية محاربة الإرهاب، بل والأهم من ذلك استثمار النتائج العسكرية على طاولة السياسة.

سيريان تلغراف | حسين محمد

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock