الصحف العالمية

أرغومينتي إي فاكتي : اتفاقية “حميميم” ترسيخ لعلاقات مستدامة مع دمشق

اعتبرت لجنة الأمن والدفاع لدى “مجلس الاتحاد” الروسي أن قرار دمشق وموسكو حول “حميميم”، لا يلقى ترحيب واشنطن والناتو، ذلك أنه يؤسس لعلاقات طويلة الأمد بين القيادتين في موسكو ودمشق.

وفي حديث بهذا الصدد نشره موقع aif.ru قال فرانتس كلينتسيفيتش النائب الأول لرئيس لجنة “مجلس الاتحاد” الروسي لشؤون الأمن والدفاع: “تمركز قواتنا على ساحل المتوسط يحظى بأهمية كبيرة للغاية، ولهذا السبب تتحطم الهيكلية التي صاغها الأمريكان في المنطقة. الولايات المتحدة لها 400 قاعدة في جميع أنحاء العالم، فيما تحتفظ روسيا بـ8 قواعد فقط بينها 4 في بلدان الاتحاد السوفيتي السابق، الأمر الذي يمنح ظهور قاعدتنا في سوريا أهمية كبرى”.

من-قلب-قاعدة-حميميم

وأضاف: “لم يعد بوسعهم إحداث أي تغييرات في سوريا، ولاسيما العسكري منها بمعزل عن الأخذ برأي روسيا، وخاصة بعد محاولة الانقلاب الفاشلة في تركيا مؤخرا. لم أكن أؤمن بضلوع الولايات المتحدة في هذا الانقلاب الفاشل، إلا أن الواقع قد أثبت صحة ذلك. الأمريكان قد غالوا في استهتارهم حتى أنهم لم يكلفوا أنفسهم بالتحضير الكافي لهذا الانقلاب”.

فلاديمير جباروف النائب الأول لرئيس لجنة “مجلس الاتحاد” الروسي من جهته، اعتبر أن الوجود الروسي في “حميميم” سيؤسس للتوازن في الشرق الأوسط. وتابع: “الولايات المتحدة تدير نشاطاتها من قاعدتها في تركيا. نحن بحاجة إلى “حميميم” لأن مهمتنا هناك لن تقتصر على نصف عام أو سنة، بل ستمتد إلى سنين. لقد أدركنا بعد تخلينا عن الكثير من قواعدنا خارج البلاد وبينها في فيتنام وكوبا، أدركنا حقيقة أنه لا يتوجب علينا أن نحصر أنفسنا داخل حدود روسيا، نظرا لأن مكافحة الإرهاب تتطلب مواجهته من بعيد، وتحديدا في سوريا”.

رئيس لجنة “مجلس الاتحاد” الروسي للشؤون الدولية قسطنطين كوساتشوف بدوره، وفي تعليق على الاتفاقية نشر نصه على الموقع الرسمي للمجلس قال: “لقد رفع الرئيس الروسي الاتفاقية إلى مجلس “الدوما، للنظر فيه ضمن الأطر الدستورية المرعية، وسوف نتسلم استنادا إلى النظام الداخلي للـ”الدوما” مشروع قانون المصادقة على الاتفاقية لنبحثه بشكل مسبق ونضيف عليها التوضيحات والتعديلات المطلوبة. من المنتظر أن يبت “مجلس الاتحاد” بالمصادقة على مشروع القانون وبشكل عاجل في أعقاب انتخابات “الدوما” وتبنيه هناك في أعقاب انتخابات “الدوما” الشهر المقبل.

ويشير البرلمانيون الروس كذلك إلى أن الهدف من الاتفاقية والمصادقة عليها تشريع الوجود العسكري الروسي على الأراضي السورية، الأمر الذي يلمس فيه المراقبون نية روسيا الثابتة الحفاظ على حضور ملموس وجدي لها في الشرق الأوسط.

 فبين بنود أبرز بنود الاتفاقية، ذاك الذي ينص على “حق قائد المجموعة الجوية العاملة في سوريا في استخدامها وفقا للخطط المتفق عليها من قبل الجانبين، ومنح العسكريين الروس وعائلاتهم على أراضي الجمهورية العربية السورية حصانة وامتيازات الدبلوماسيين، على ألا يحق للجانب السوري إسناد أي مطالب لروسيا الاتحادية، وعسكرييها على أرض سوريا، أو ملاحقتهم جنائيا”.

والملفت في توقيت رفع الرئيس الروسي الاتفاقية إلى برلمان بلاده، أنه جاء في أعقاب القمة التي جمعته بنظيريه الإيراني حسن روحاني والأذربيجاني إلهام علييف في باكو، وعشية استقباله الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في بطرسبورغ مؤخرا.

كما يشير المراقبون إلى أن ما يميز الاتفاقية، أنها تضمن بقاء القوات الروسية على أراضي سوريا “بلا مقابل وحتى أجل غير مسمى، إلا إذا قرر أي من طرفيها فسخها”.

الخبير العسكري إيغور كوروتشينكو، لم يشذّ في طرحه عمّا أشار إليه البرلمانيون الروس، واعتبر أن الحضور الروسي في “حميميم” يمثل عامل استقرار في سوريا والشرق الأوسط بمجمله.

ومضى يقول: “مما لا شك فيه أنه لما كان بوسعنا التواجد والقتال في سوريا استنادا إلى أرضية ضحلة، وهذا ما يسوّغ الحاجة لهذه الاتفاقية التي تشرّع حضورنا هناك. لقد زرت سوريا، واطلعت على قاعدتنا في “حميميم” التي بدت مزودة بأفضل تجهيز، فيما العمل مستمر فيها على قدم وساق ومرافقها في تحسن مستمر، ومحمية من جميع الجهات”.

كوروتشينكو، وفي التعليق على مستقبل التنسيق بين موسكو وواشنطن في سوريا، استبعد حدوث أي تعاون مشترك في المستقبل المنظور بين العاصمتين هناك. وقال: “واشنطن تتبنى عرف الكيل بمكيالين، ومن غير المرجح أن تتخلى عنه في وقت من الأوقات. هناك مصالح تجمعنا بهم، إلا أن عموم المصالح تفترق بين روسيا والولايات المتحدة، الأمر الذي ينفي احتمال التعاون بين الجانبين حسب اعتقادي”.

وبصدد مستقبل النزاع في سوريا، أكد أنه لا يمكن التكهن بموعد محدد ينتهي عنده القتال هناك. وتابع: “القتال على أشده في الوقت الراهن في حلب، وقوى الإرهاب الدولي هناك لا تزال تحتفظ بقدرات كافية، رغم الخسائر التي تكبدتها حتى الآن. الأوضاع مستمرة على حالها نظرا لاستمرار واشنطن بشكل علني وغير معلن في دعم من تسميهم “ثوارا”، فيما هم في الواقع إرهابيون دوليون لا شيء يميزهم عن مقاتلي “القاعدة” أو “جبهة النصرة”، أو “داعش”. لقد تسلّموا أسلحة أمريكية جديدة، يصعب التكهن بكيفية حصولهم عليها، إلا أنها مدموغة بالأختام والشعارات الأمريكية”.

هذا، ويعكف مجلسا “الدوما” أي النواب، و”الاتحاد” اللذان يشكلان البرلمان الروسي، على بحث الاتفاقية المبرمة مع الجمهورية العربية السورية، بما يضبط معايير بقاء القوات الجوية الروسية العاملة في مطار “حميميم” على الساحل السوري، فيما يؤكد البرلمانيون أنهم سوف يصادقون على الاتفاقية بلا تلكؤ، وفي فترة وجيزة بمعزل عن أي بيروقراطية.

سيريان تلغراف

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock