تحقيقات وتقارير

رائحة “كيميائي دوما” تفوح من وثائق نتنياهو حول نووي إيران

تزامن إعلان رئيس وزراء العدو الصهيوني أن طهران خدعت العالم وواصلت تطوير برنامجها النووي العسكري سرا، مع ضربات جديدة يقال إنها استهدفت مواقع إيرانية بسوريا وعزم واشنطن فسخ الاتفاق النووي.

جاء إعلان رئيس الوزراء الصهيوني بنيامين نتنياهو هذا في محاضرة قدمها بالصور والملفات الوثائقية والأقراص المدمجة، قال إنها أدلة جمعت تدين إيران.

وزعم نتنياهو أن الاتفاق النووي مع إيران مبني على الكذب، وعرض دليلا على صحة كلامه ما قال إنه الأرشيف السري الخاص ببرنامج “أماد” النووي الإيراني الخفي، الذي توصلت إليه الاستخبارات الإسرائيلية.

وخرج نتنياهو بإعلانه الطارئ عقب اتصال هاتفي بينه وبين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، بهدف “ضبط الساعة” بشأن التكتيك اللاحق مع “الملف الإيراني” من جهة، وغداة الضربات الليلية البارحة التي يشتبه بأن الطيران الإسرائيلي نفذها على مواقع عسكرية سورية في ريفي حماة وحلب من جهة أخرى.

وفي انتظار قرار الرئيس الأمريكي حول البقاء أو الانسحاب من الصفقة النووية الذي من المتوقع أن يتخذه، كما أعلن، قبل 12 مايو المقبل، يرى مراقبون أن التحركات الغربية حول ملف إيران، وبينها إعلان نتنياهو، تهدف إلى تغطية مجموعة واسعة من المسائل المتصلة بمصلحة الولايات المتحدة وحلفائها ولا سيما إسرائيل.. ومن بينها تشجيع الرئيس الأمريكي على إلغاء الصفقة أو إجبار طهران على أن تحذو حذو كوريا الشمالية وتتخلى عن برامجها النووي، وتبرير القصف المستمر لما تقول إسرائيل إنه يستهدف مواقع إيرانية في سوريا.

هذا ويشير البعض الآخر إلى أن المشهد الحالي يبدو مقدمة لإعلان حرب مباشرة ضد إيران، بخاصة أن الكنيست الإسرائيلي صادق، اليوم الاثنين، على قانون يخول رئيس الوزراء (نتنياهو) ووزير الدفاع (ليبرمان) إعلان الحرب دون العودة إلى الحكومة.

وجنح طيف ثالث إلى نظرية استغلال “الملف النووي السري” لقصف إيران بناء على وثائق وصور غير موثوقة، كما فعلت واشنطن وفرنسا وبريطانيا حين ضربت دوما السورية بذريعة أن الحكومة السورية أخفت ترسانتها الكيميائية عن المجتمع الدولي، خاصة وأن نتنياهو قال إنه أطلع واشنطن على هذه الوثائق.

وفي 14 أبريل قصفت تلك الدول الثلاث سوريا بأكثر من 100 صاروخ مجنح بحجة الفيديو الذي قدمته منظمة “الخوذ البيضاء” لإقناع المجتمع الدولي بأن السلطات السورية استخدمت السلاح الكيميائي في بلدة دوما بغوطة دمشق الشرقية في الـ7 من الشهر نفسه. وأثبتت روسيا فبركة “هجوم دوما الكيميائي”، وكشفت أنه لم يكن إلا عرضا مسرحيا مدبرا من قبل دول الغرب، بشهادات سكان البلدة الذين وجدوا أنفسهم متورطين فجأة وضد إرادتهم في عملية تصوير العرض في المستشفى المحلي.

من اللافت، أن الضربات الأخيرة على سوريا نفذت بالتوازي مع تقدم الجيش السوري في شرقي نهر الفرات في الأراضي التي كانت خاضعة لـ “قوات سوريا الديمقراطية” المدعومة من واشنطن.

ويشير متابعون إلى أن التصعيد الجديد في سوريا سببه أن الولايات المتحدة وحلفاءها يسعون إلى منع الجيش السوري من السيطرة على حقول نفطية في الساحل الشرقي للفرات، فيما الهدف النهائي والجوهري يبقى هو الإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد وتقسيم سوريا إلى دويلات شكلية خاضعة لحكم واشنطن.

ووصف المحلل السياسي الإيراني حسين رويوران عرض نتنياهو بـ “مسرحية” قدمت بأسلوب قديم معروف سابقا، مشددا على أن إيران كانت أكدت مرارا على سلمية برنامجها النووي وبإمكان منظمة حظر الأسلحة النووية زيارة أي منشأة نووية إيرانية وفحصها. وخلص المحلل إلى أن إعلان نتنياهو يمثل “عرضا سياسيا  بامتياز يأتي ضمن حملة إعلامية ضد إيران”.

وأشار المحلل إلى أن واشنطن في حال ألغت الاتفاق النووي أو طالبت باتفاق جديد، ستضع نفسها في موقع محرج، وتساءل: كيف يمكن لإيران أن تدخل في أي اتفاق آخر، وما هي ضمانات عدم تغيير الإدارات الأمريكية اللاحقة موقفها من الاتفاقات المبرمة السابقة”؟

ولفت خبير آخر، إلى أن فرنسا وبعض الأطراف الأخرى المعنية بالاتفاق دخلت في تفاهمات جديدة مع الولايات المتحدة بشأن نووي إيران، مضيفا أن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون يتخذ موقفا مزدوجا بشأن الاتفاق.

وحذر من أنه إذا كان الاتفاق لن يصمد، فقد يصل الوضع إلى “شفا الهاوية”.

وشدد المحلل السياسي طارق عبود على أن التصعيد من وتيرة التدخلات الخارجية المتكررة في سوريا خلال الفترة الأخيرة، يتزامن كل مرة مع إنجازات الجيش السوري وحلفائه على الأرض. وأضاف أن لدى واشنطن أهدافا جيوسياسية كبيرة تسعى إلى تحقيقها من خلال الحرب السورية.

ويبقى ملف إيران مرهونا بقرار ترامب المرتقب، الذي قد يؤدي إلى سيناريوهات مختلفة، أسوأها فسخ الاتفاق النووي تماما ما قد يدفع إلى المواجهة المباشرة مع طهران أو حرب بالوكالة وهو الطريق الذي تفضله إسرائيل على الأرجح، أو الاقتصار على خطوات معينة تجاه إيران، بغية تهميشها في الساحة السورية وإضعاف مسار مفاوضات أستانا للتسوية السورية.

سيريان تلغراف

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock