اقتصاد

أسعار “الفروج” تحلق وموائد المواطنين خجولة

قفزت فجأة أسعار اللحوم، (البيضاء والحمراء)، إلا أن ما شعر به السوريون هو ارتفاع أسعار الفروج، إذ أن الأسماك، واللحوم الحمراء غادرت موائدهم منذ زمن.

لماذا وكيف قفزت الأسعار بنحو الضعف في بعض المناطق؟ (وصل سعر الكيلو الواحد إلى نحو 900 ليرة، ما يعادل دولارين من أرض المدجنة)

ثمة من يرى في إجراءات مكافحة التهريب سبباً رئيسياً في الارتفاع الراهن للأسعار، خاصة لدى مربي الدواجن الذين يتحدثون عن عشرات المداجن التي خرجت من الإنتاج، وسط ارتفاع التكاليف من جهة، وعدم القدرة على منافسة ما صار يُعرف بـ “الفروج التركي” المهرّب.

إلا أن رئيس جمعية اللحامين أدمون قطيش لا يرى أي علاقة للتهريب في ذلك.

ويقول لـ RT إن الارتفاع الراهن جاء نتيجة مقدمات امتدت طيلة الأشهر السابقة، وأدت إلى تراجع العرض، إذ خرجت مداجن كثيرة من سوق الإنتاج، بسبب الخسائر المتلاحقة التي فاقمها ازدياد التكلفة في الشتاء.
وحول ما يتردد عن دور التهريب في خفض الأسعار سابقاً، ثم ارتفاعها لاحقاً، يقول إن أسعار الدواجن في سوريا كانت أرخص من مثيلاتها التركية، وبالتالي لا يمكن أن تنافسها في أرضها، ثم إن الكميات، حسب قطيش، ليست كبيرة لتؤثر على السوق.

بينما يرى عضو لجنة مربي الدواجن وأحد أصحاب مكاتب العلف في حمص حسام محمد عمران أن للتهريب دوراً حاسماً في تقلبات الأسعار، وتأكيداً على ذلك يقول إن “السوق برد” (أي انخفضت الأسعار) يوم أول أمس قليلاً بسبب عودة التهريب، بينما ارتفعت الأسعار مع التشدد في مكافحته، ويشير إلى عدم وجود آلية لضبط تلك المهنة: “المربي هو وحظه”، يختتم حديثه، قبل أن يحيلنا إلى “أم أيمن” صاحبة مكتب التسويق الأشهر، وهي المعروفة بأنها تقوم بتسعير الفروج في البلاد انطلاقاً من مكتبها في حمص التي تضم أغلب المداجن.

مكتب التسعير
يتحدث معن السقا من مكتب التسويق المعروف بمكتب أم أيمن، عن الخسائر التي تعرض لها مربو الدواجن طيلة الأشهر التسعة الماضية (طبعاً خسائر المنتج تنعكس إيجاباً على المستهلك، إذ كانت أسعار الفروج هي الأخفض خلال الفترة ذاتها)، ويقول إن تلك الخسائر أدت إلى تراجع العرض، ومنذ شهرين كان التهريب هو الأساس في “قلة البضاعة”.

نسأل السقا عن رأيه بالتصريح المنسوب لرئيس لجنة مربي الدواجن في اتحاد الغرف الزراعية نزار سعد الدين، (الذي قال إن حجم التهريب يعادل 40 في المئة)، فيقول إن تلك النسبة مبالغ فيها قليلاً، لأنها تعادل نصف الموجود في السوق تقريباً. ويرى أن نسبة التهريب أقل من ذلك.

المؤسسة العامة .. بالانتظار
المؤسسة العامة للدواجن (حكومية) تبدو دون أي تأثير، إذ لم تستطع أن تتدخل في السوق لتفرض أسعاراً مناسبة، كما لم تستطع أن تقف في وجه التهريب بطرق تدخلية اقتصادية، وهو ما يُفترض أنه دورها الذي وُجدت من أجله، لكنها في الواقع ربما وجدت في “النأي بالنفس” أفضل الحلول.

جاءت الأزمة وسط حملة بدأتها الحكومة لمكافحة التهريب، خاصة البضائع التركية، ومنها ما صار يُعرف بـ “الفروج التركي”، وكان الإعلام إحدى وسائل تلك الحملة.

قبل الارتفاع الحاد الراهن في أسعار الفروج، تناقل عدد من المواقع والصفحات التي توصف بأنها مؤيدة للحكومة، تقريراً مغفلاً من الاسم أو المصدر وجاء بعنوان: “رحلة السم الزعاف إلى بطون السوريين الأبرياء .. الفروج النافق والأسماك الملوثة”

استند التقرير بشكل مطلق إلى “شاهد عيان” وتحدث عما وصفه بـ “حالة استهداف قذرة” ضد السوريين، تتجاوز الربح والجشع، وروى “الشاهد” أن ثمة كميات من الفروج كانت معدة للتصدير من تركيا إلى 65 بلدا، إلا أن مرضاً أصابها فنفقت، فتم تصدير الكميات كلها تهريباً إلى سوريا، ومثل ذلك تكرر مع “أسماك نافقة” أيضاً وصلت إلى سوريا.

حملة حكومية بدأت، دون أن يكون هناك بديل، لا في المداجن الخاصة التي كانت تتكبد الخسائر، ولا في مؤسسة الدواجن الغائبة منذ زمن عن تحديد الأسعار.

هكذا اختفت مادة أخرى من موائد السوريين، الذين وجدوا أنفسهم بين خياريْن أحلاهما مر: السم الزعاف، أو الخبز الحاف

سيريان تلغراف

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock