عربيعسكريمحلي

الذكرى 15 لانسحاب القوات السورية من لبنان.. من يتذكر؟

قبل 15 عاما أكملت القوات السورية انسحابها من لبنان، حدث شكل وقتها تاريخا فاصلا بالنسبة للبلدين وبقي ذلك اليوم لسنوات لاحقة ذكرى يتم إحياؤها، لكنها اليوم بدت في آخر قوائم الاهتمام.

تصريح مقتضب جاء في سياق كلمة ألقاها رئيس التيار الوطني الحر، جبران باسيل، وبعض الردود عليه، وقبل ذلك احتفال مركزي “رمزي” أقامه حزب الكتائب في لبنان. هو كل ما تبقى من المناسبة التي مازال الجدال حولها، وفي تقييم الفترة التي سبقتها من الوجود السوري في لبنان. أما في سوريا فكما في السنوات السابقة كلها، لا يبدو أن أحدا مهتم للمناسبة، أو راغب بالحديث عنها.

باسيل وفي كلمة تناول فيها موقف تياره من التطورات في البلاد، تحدث عن ذكرى خروج القوات السورية من لبنان ووصفه بالإنجاز السيادي والاستقلالي لكل اللبنانيين، وأنه كان “حلما أن يحصل، بل كان معجزة وحصلت”. إلا أن اللبنانيين لم يتفقوا بعد على أنهم حققوا الاستقلال، فقبل باسيل كان النائب نديم الجميل يقول: “سنعمل على أن يعود لبنان وطنا سيدا حرا مستقلا من أي تدخل خارجي، ونأمل أن نتخلص من الهيمنة الإيرانية المستجدة على قرارنا الوطني”

وفي الخامس من شهر آذار/مارس عام 2005 ألقى الرئيس السوري بشار الأسد خطابا أمام مجلس الشعب (البرلمان) أعلن فيه قرار سحب القوات السورية من لبنان، وهو ما اكتمل في الشهر اللاحق وفي مثل هذا اليوم من العام ذاته.

جاء ذلك وسط احتجاجات عارمة في لبنان أعقبت اغتيال رئيس الوزراء الأسبق رفيق الحريري، في 14 شباط/ فبراير 2005، وتصاعد التوتر في لبنان مع توجيه الاتهام لسوريا بأنها المسؤولة عن الاغتيال، وهي الاتهامات ذاتها التي وُجهت لسوريا عقب كل عملية اغتيال في تلك الفترة التي شهدت اغتيالات متتالية استهدفت شخصيات سياسية وإعلامية.

استمرت الصراعات السياسية في لبنان، ولم يعد تأليف الحكومة أو انتخاب الرئيس أمر سلسا، في بلد تتقاسم النفوذ فيه قوى لكل منها علم ونشيد ومناطق جغرافية ومعظمها لديه أجنحة عسكرية، والقوى المختلفة تقف خلفها قوى إقليمية أو دولية، تفرض توازنات سياسية وعسكرية، وهكذا مازال سؤال السيادة والاستقلال مطروحا ومثار جدل في ذلك البلد.   قوات الردع   دخلت القوات السورية إلى لبنان بداية عام 1976 بدعم عربي وتحت مسمى “قوات الردع العربية” التي تحولت سورية خالصة فيما بعد، بهدف وضع حد للحرب الأهلية التي كان البلد يعيشها واستمرت 15 عاما، كان الجيش السوري خلالها يحسم الخلافات الدموية ويشارك فيها حتى استطاع أن يصبح صاحب الكلمة الأولى في لبنان والقوة الأكبر فيه. كانت المعركة الحاسمة التي خاضها الجيش السوري هي التي ما زال أنصار التيار الوطني الحر الذي أسسه الرئيس اللبناني الحالي ميشيل عون، يسمونها “حرب التحرير” عندما قرر عون وكان قائدا للجيش أن يشكل حكومة موازية لحكومة سليم الحص الذي تدعمه سوريا، وانتهت المعركة بهزيمة عون ولجوئه إلى السفارة الفرنسية في لبنان ثم المغادرة إلى فرنسا. صارت سوريا صاحبة الكلمة الأولى في لبنان، وهو ما صار معروفا لكل القوى الإقليمية والدولية، وصارت توجه الانتقادات حتى داخل لبنان وإن على استحياء أن أوامر تعيين المسؤولين اللبنانيين في المناصب السياسية وغيرها تأتي من دمشق، بناء على معرفة جيدة بوضع البلد وشخصياته كان يقدمها كل من المسؤولين السورييين الراحلين: نائب الرئيس السوري السابق الراحل عبد الحليم خدام، ورئيس الاستخبارات السورية في لبنان ثم وزير الداخلية الأسبق الراحل غازي كنعان، ثم خلفه رستم غزالة.

خرجت سوريا من لبنان، وبقي كثير من سياسييه يطالبون بالاستقلال والسيادة، وكل في اتجاه، فكما يتحدث الجميل عن النفوذ الإيراني، ثمة من يتهم حزبه بتسهيل عبور النفوذ الإسرائيلي أو الأمريكي. نشأ تياران بعد الانسحاب السوري هما 14 آذار، و8 آذار، كل منهما يتهم الآخر بأنه يشكل خطر على السيادة، ويستجلب التدخل الخارجي، وخاض الطرفان صراعات داخلية بعضها مسلح وبعضها سلمي، إضافة إلى الحرب التي خاضها “حزب الله” مع إسرائيل، لكن التوازنات بقيت كما هي، وكما أن ذكرى خروج القوات السورية من لبنان لم يعد حدثا سنويا للاحتفال، كذلك انطفأت معارك أخرى لم تسفر أيضا عن أي نتيجة، فاليوم لم يعد أحد يسأل أين وصلت المحكمة الخاصة باغتيال رفيق الحريري.

سيريان تلغراف

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock