عربي

في السعودية .. الملك والأمراء خارج الخدمة هل انتهى العمر الافتراضي للنظام؟

في غضون تسعة أشهر فقط، فقدت السعودية وليين للعهد؛ هما الأميران سلطان ونايف بن عبد العزيز، فهل سيشكل هذا الأمر إنذاراً لآل سعود بنهاية العمر الافتراضي للنظام، أم أن العائلة المالكة ستتدارك الأمر مجدداً من خلال إشراك الجيل الثاني للعائلة في إدارة النظام وتجديد شبابه وتحديث آلياته السياسية التي باتت عقيمة وغير قادرة على محاكاة العصر؟

الأصوات بدأت ترتفع مطالبة بالإصلاح حتى داخل العائلة المالكة، فالأمير طلال بن عبد العزيز الذي كان قد قدم استقالته من هيئة البيعة احتجاجاً على تعيين الأمير نايف ولياً للعهد، عاد بعد الوفاة ليجدد هجومه على النظام، معتبراً أن الملكيات المطلقة لم تعد قادرة على التعايش مع المتغيرات التي يشهدها العالم، مشدداً على ضرورة انتخاب برلمان يتولى التشريع والمراقبة والمساءلة، معتبراً أنه لا بد من التحول نحو الملكية الدستورية قبل أن تأتي عاصفة هوجاء وتقتلع النظام من جذوره.

منذ تأسيس الدولة عام 1932 حافظت الأجنحة الرئيسية لعائلة آل سعود على توازن دقيق مع رجال الدين الوهابيين المشاركين في حكم المملكة، الذين وفروا المظلة الدينية للنظام، وساهموا في إطلاق يد الملك لقمع الحريات السياسية وتعطيل إنتاج قيادات وطنية جديدة من خارج العائلة المالكة، وساعدوا على حصرها بيد الملك الذي بموجب نظام المبايعة، له الحق بعد التشاور مع الهيئة في اختيار من يراه مناسباً من أبناء مؤسس المملكة أو من أبناء الأبناء لولاية العهد، لكن الخلافات داخل العائلة المالكة تستفحل يوماً بعد يوم، وهيئة البيعة التي شكلها الملك عبدالله وكان من المفترض أن تساهم في تنظيم الخلافات داخل العائلة وتقوم بإدارتها، لم تتمكن من أداء مهامها، الهدوء الظاهر الآن يخفي خلافات عميقة في ظل وجود تغييرات بنيوية متجذرة في المجتمع قد تزعزع استقرار المملكة.

وبشكل عام، فالدولة السعودية لا تستند إلى ولاء وطني أو فكري عقائدي، بل إلى عائلة سميت دولة باسمها، وهذه العائلة بدأت صراعاً على الحكم للتو، الملك عبد العزيز مؤسس الدولة أنجب 43 ولداً منهم 23 مازالوا على قيد الحياة، باتوا في خريف العمر ولكن الكثير من الأحياء ما عادوا قادرين صحياً على تسلم المسؤوليات، وبات تسلم الجيل الجديد للحكم حتمية مؤكدة لاستمرار سيطرة العائلة في المرحلة المقبلة.

الخلافات داخل العائلة المالكة باتت مستفحلة، وصراع الأجيال بدأ يأخذ منحى جدياً بين أبناء المؤسس عبد العزيز وبين أحفاده، وهو صراع بدأ يتحول إلى اختلاف على النهج السياسي بين تيارات ثلاثة؛ واحد يمثله الملك عبد الله وهو تيار معتدل ومنفتح، ولكن بدأ يفقد نفوذه نظراً لضعف وتردد الملك في اتخاذ القرارات وتدهور صحته، وآخر محافظ متشدد كان يقوده نايف ولي العهد، ويعاونه أخوه أحمد بن عبد العزيز، ويملكون قبضة أمنية حديدية، وثالث فاسد غارق في العمولات والرشاوى ومرتبط بأجهزة الاستخبارات الأميركية، ويتزعمه عبد العزيز بن فهد وبندر بن سلطان الذي طالما كان مكروهاً في أوساط العائلة المالكة.

السعودية التي نشأت أساساً بالسيف انطلاقاً من نجد، دائماً ما كانت تجد صعوبة في السيطرة على الحجاز والمناطق البحرية، فهل ستقودها الخلافات الداخلية لحصر نفوذها في نجد من جديد.

سيريان تلغراف | الثبات

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock