الصحف العربية

الجمهورية : هل ينقل الأسد المعركة إلى داخل المعارضة السورية

يوماً بعد يوم تزداد القضية السورية تعقيداً، ويزداد عدد اللاعبين ومعه عدد الطامحين والمنافسين، وتتوسّع دائرة العداوات بحيث يُخشى معها فقدان البوصلة، فينحرف العمل عن مساره الأساسي وبالتالي الهدف الذي من أجله انطلقت الثورة، ولعلّ هذا ما يحاول أن يستفيد منه النظام السوري في معركة البقاء التي يخوضها.

تفيد معلومات من العاصمة التركية، أنقرة، أنّ هيئة التنسيق، التي ترى في نفسها معارضة وطنية ديموقراطية للنظام السوري في مقابل معارضات أخرى تعمل لمصلحة أجندات خارجية على ما تقول، تحاول إعادة صياغة المشهد الداخلي بما يتوافق مع الطرح القائل بحتمية إجراء تسوية بين النظام السوري من جهة، وبين المعارضة من جهة أخرى، في ظلّ وجود الأسد كرئيس للدولة السورية، وأنّه من دون تحقيق ذلك، فإنّ أحداً لن ينتصر في المعركة القائمة.

ومن أجل تحقيق هذا الهدف، يتمّ العمل حاليّا على إقناع العديد من الدول الفاعلة إقليميّاً ودوليّاً بهذا الطرح، وقد أوفدت الهيئة عدداً من أعضائها الى دول مختلفة، زار أحدها تركيا أخيراً وجال على المسؤولين هناك مركّزاً على مواضيع حسّاسة لما لها من أهمّية لدى تركيا والغرب ومتحدّثاً عن التشدّد الديني المقبل، وعن اتّجاه سوريا إلى التقسيم وضرورة حماية حقوق الأقلّيات، مذكّراً بأنّ الأسد مع مساوئه كان يحميها وأنّ بقيّة المعارضات باستثناء الهيئة هي معارضات فاسدة تعمل بأجندات خارجية أميركية، وروسيّة تحديداً.

وقد بدا أنّ الهيئة ركّزت على مهاجمة المعارضة السورية أكثر من تركيزها على النظام السوري نفسه، على ما أفاد المصدر التركي، مع ملاحظة أنّها أهملت الحديث عن إيران كلّياً، قائلةً إنّها دولة هامشية في التأثير في المعادلة السوريّة وإنّ القرار هو في يد موسكو وواشنطن.

هذا النوع من التحرّك، ناهيك عن الخطاب المستخدم، إنّما يشير إلى أنّ الهيئة لا تعدو كونها “كومبارس” باعتراف الأعضاء المنسحبين منها الأسبوع الماضي، كما ورد في نصّ الانسحاب الذي أشار إلى أنّ مواقف هيئة التنسيق جعلها مطواعة لتوظيف النظام، وأنّ الإعلان عن بدء التحضير لمؤتمر وطني في الداخل إنّما جاء بالتنسيق والتوافق مع أطراف غالبها كيانات تشكّلت ضمن خطط احتواء النظام للثورة ومشكوك بولائها لها، في الوقت الذي لم يتمّ التوافق عليه بين أطراف ومكوّنات الهيئة ذاتها.

ولا يمكن فهم كلّ ذلك، إلّا في اطار محاولات التأسيس لاتّجاه يتضمّن نقل المعركة إلى داخل المعارضة السورية من خلال خلق مبادرات تؤدّي إلى انشقاق، ومن خلال الإعلان عن تشكيلات جديدة لمجالس، يتبعها الإعلان عن تشكيلات جديدة في الأذرع العسكرية تكون تابعة لهذه المجالس المصطنعة.

وفي هذا الإطار، تشير معلومات من مصادر تركية إلى أنّ هناك محاولات لخلق مجالس معارضة على أساس قبلي في سوريا لا سيّما في المنطقة الشمالية، مع تخوّف من إنشاء أذرع عسكرية تابعة لها حيث يتصارع الجميع بعضهم مع بعض لتحديد مناطق النفوذ والسلطة.

وإن كان النظام السوري يستخدم بعض الجهات والأدوات المعارضة كواجهة له، فإنّ جهات أجنبية دولية قد تستخدم الواجهة القبلية أو على الأقلّ تحاول الإفادة منها في لعب دور لاحقاً، علماً أنّ كلا الأسلوبين إنّما يؤدّي إلى مزيد من إضعاف المعارضة السورية السياسية منها والعسكرية كما إلى إضعاف الدولة السورية نفسها عبر الاستنزاف الدائم والمستمرّ لقدراتها في ظلّ استمرار المعركة بشكل مفتوح.

يبقى السؤال، من المستفيد؟ يقول المصدر التركي إنّ الأسد انتهى وفق مختلف التقويمات، لكنّه يدمّر سوريا الآن، والمستفيد هو من يريد سوريا ضعيفة كدولة في مرحلة ما بعد الأسد. المفارقة أنّ عضو هيئة التنسيق تكلّم نحو ساعتين، متطرّقاً إلى جميع اللاعبين من دون أن يذكر إيران بتاتاً.

ولدى سؤاله عن مدى التأثير الإيراني في النظام السوري والأحداث داخل سوريا، وعن صحّة المعلومات التي تفيد بأنّ إيران تستخدم هيئة التنسيق أيضاً وأنّ لها روابط قوية مع هيثم المناع، يجيب المصدر: “لا صحة لكلّ هذه الإشاعات، وإيران دولة هامشية لا تأثير لها على الأسد”!

سيريان تلغراف

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock