عالميمحلي

اللاعبون الدوليون والاقليميون يتراجعون عن تحقيق أهدافهم في سوريا لأن سقوط النظام ليس الحل

بعد أن طالت الأزمة في سوريا وعصي على اللاعبين الدوليين إسقاط النظام ، بدأ يتراجع هؤلاء بالنسبة للأهداف والطموحات التي كانوا ينوون تحقيقها ، حتى أنّه بات من مصالح الدول الاقليمية المساندة لهم إنهاء الحرب في سوريا  في أقرب وقت ممكن ، خصوصاً بعد أن تحوّلت الأزمة فيها من قضية إصلاحات سياسية وإجتماعية الى صراع طائفي وتنافس بين الأجندات الخارجية .

ويشرح مصدر ديبلوماسي أجنبي أسباب هذا التراجع بالقول إنّ الولايات  المتحدة الأميركية لم تعد متأكّدة من أنّ سقوط النظام السوري الحالي سيؤدّي حتماً الى انتهاء الحرب في سوريا ، لا سيما مع بروز أجندات طائفية في الصراع الداخلي السوري بإيعاز من لاعبين إقليميين يصرّون على دعم طائفة ضد أخرى ، فمن المحتمل أن تُقدم إحدى المعارضات السورية على القيام بأعمال  إنتقامية أو حرب إبادة ضد الطوائف السورية الأخرى .

ما يجعل الحرب تستمر ، والصراع يتفاقم أكثر فأكثر ، بعد ردود أفعال هذه الأخيرة، وعدم قبولها بما يفرض عليها من إلغاء لوجودها .

ويؤكّد أنّ الحلّ العسكري لن يؤدّي الى هزيمة طرف وانتصار آخر إلاّ إذا  طالت هذه الحرب لسنوات وسنوات.. وفي حال تمكّن أحد الطرفين من تحقيق  الإنتصار المطلق فهذا يعني أنّ البلاد سوف تتجه الى الدولة ذات اللون  الواحد، والى شعور الفئات المنهزمة بالإحباط فتصبح مضطرة الى القبول  بالتقسيم غير أنّ حالة العداء سوف تبقى هي السائدة بين أبناء الوطن الواحد.

أمّا بالنسبة الى التدخّلات الاقليمية في هذه الحرب الدائرة لا سيما من  قبل كلّ من مصر وتركيا والمملكة العربية السعودية وقطر وإيران فقد تؤدّي  الى مخاطر على هذه البلدان نفسها، خصوصاً أنّ الحرب في سوريا قد تولّد  مشاحنات طائفية خطيرة قد تنعكس على الدول المذكورة نظراً لما تضمّه من  تنوّع طائفي على أراضيها، ما قد يجعل التوتّر يمتد اليها ما قد يؤدّي الى  صراعات طائفية تبدأ ولا تنتهي، وقد تشهد وجود متطرّفين يقومون بانقلابات  على حلفائهم الإقليميين، كما حصل في الإنقلاب على النظام السوري من قبل  المعارضات.

ويعقد مجلس الأمن الدولي، بدعوة من ألمانيا رئيسته للشهر الحالي،  اجتماعاً على المستوى الوزاري بعد ظهر الأربعاء المقبل، يتركّز على الملف  السوري الذي سيتمّ تناوله من زاوية تتمات الربيع العربي.

وبرأي الدول الغربية التي تقودها الولايات المتحدة، بحسب المصدر نفسه،  وتقوم بدعم الجماعات المعارضة، فإنّ سقوط النظام السوري يستحق التضحيات وإن  أدّى ذلك الى حرب أهلية طويلة الأمد في سوريا وامتدت الى دول المنطقة،  خصوصاً لأنّ هذا النظام لا يزال يواجهها مدعوماً من روسيا وإيران، غير أنّ  وصول الحرب الى دول إقليمية متحالفة مع الولايات المتحدة لن يصبّ في مصلحة  أي منها، لا سيما أنّ الفوضى الشاملة قد يصعب السيطرة عليها متى شاء  اللاعبون الدوليون، ما يجعل زمام الأمور يفلت من أيديهم.

ولكن في المقابل، يشدّد المصدر نفسه على أنّ ثمّة مجموعات في الإدارة  الأميركية لا تزال تنادي بأن تتدخّل الولايات المتحدّة بشكل أكبر في الحرب  الأهلية في سوريا، داعية الى تزويد المعارضات السورية بالسلاح أكثر فأكثر  وبالمعلومات الاستخباراتية، كما الى دعم إقامة مناطق حظر جوي داخل سوريا  محمية من قبل القوة الجوية الأميركية وقدرات أخرى، مشدّدة على أنّ الفشل في  اتخاذ خطوات من هذا النوع سوف يؤدّي الى إطالة الحرب من جهة والى زيادة  احتمال انتقال ترسانة السلاح الكيماوي السوري، على ما تقول، الى أيدٍ خطيرة  والتسبّب بإغلاق الباب أمام الولايات المتحدة بعد سقوط النظام الحالي.

وبرأيها، أنّ هناك أهدافاً مهمّة وواقعية يمكن تحقيقها في سوريا مع  القليل من المخاطر والكلفة عوضاً عن محاولة التأثير على مسار الحرب في  سوريا، غير أّن هذه الأهداف تتخطّى قدرات الإدارة الأميركية لتشمل المجتمع  الدولي ككلّ.

من هنا تظهر الحاجة الى تقوية موقع الولايات المتحدة  الديبلوماسي في مختلف دول المنطقة، وذلك من خلال بناء قدرات الحرب غير  النظامية والتي سوف تكون حاسمة في الصراعات المستقبلية في المنطقة.

فالتدخّل المدروس بعناية، من قبل حلفاء أميركا السنيين، والذين هم لاعبون  أساسيون في الحرب الداخلية، سوف يعزّز العلاقات وقدرات الحرب غير النظامية،  وهو ما ستكون بحاجة اليه أميركا والدول الحليفة لها في المستقبل.

غير أنّ المصدر يوضح من جهته، أنّ مثل هذه الاقتراحات لا تقنع الإدارة  الأميركية تماماً رغم أنّها تودّ فعلاً التخلّص من النظام السوري الحالي،  بأي طريقة، من دون أن يظهر تورّطها المباشر بالمسألة.

ولهذا تنادي وزيرة  خارجيتها هيلاري كلينتون بضرورة إصدار قرارات ملزمة في مجلس الأمن الدولي  تدين النظام السوري، وتفرض عليه أكثر من العقوبات المشدّدة ما يؤدّي الى  عزله سياسياً وديبلوماسياً ودولياً.

وفي حين يناقش مجلس الأمن الدولي الأربعاء المقبل في 26 الجاري، بدعوة  من ألمانيا رئيسته للشهر الحالي، خلال اجتماعه على المستوى الوزاري الملف  السوري، دعا البرلمان العربي الموفد الدولي والعربي الأخضر الابراهيمي  الى  إعلان انسحابه من مهمّته في سوريا.

كما ستشهد نيويورك، بمناسبة انعقاد الدورة الـ 67 للجمعية العامة للأمم  المتحدة، إجتماعين إضافيين عن سوريا: الأول، يوم الأربعاء وسيركّز على  تناول المسائل الانسانية والحاجات المتزايدة للمهجّرين واللاجئين داخل  وخارج سوريا.

والثاني، يوم الجمعة الذي يليه وسيضمّ الدول الناشطة في  مجموعة أصدقاء الشعب السوري التي اجتمعت أخيراً في لاهاي.

سيريان تلغراف | الديار

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock