مقالات وآراء

الفارق بين “أوبك” و”ايباك” هو كالفرق بين حمد بن جاسم وبنيامين نتنياهو .. بقلم نارام سارجون

لم يكن لنا طيلة فترة الأزمة السورية من هدف سوى إعادة المنطق إلى العمل بعد أن منحته دول النفط إجازة بلا راتب من حياتنا وحوّلته إلى متسوّل أجربٍ في قطر.. ولم يكن لنا من همّ في هذه الأزمة السورية سوى أن نعيد للصدق والصراحة مكانتهما كأسلوب رفيع في الحديث مع الناس بعد أن تمّ اعتقالهما وتعذيبهما في أقبية استوديوهات (الجزيرة) على يد جلادي شهود الزور..

وصار من أهم واجبات المثقف العربي “الحر” أن يحاول أن يعيد للحرية والأخلاق اعتبارهما بعد أن اختطفهما (الثورجيون) وتعاملوا معهما على طريقة ثورجية ليبيا البرابرة والهمج مع “أسراهم” الجرحى.. إن الثقافة العربية والشرقية ترتعش رعباً في هذا الصقيع الأخلاقي حيث يجردها البرابرة الثورجيون من ثيابها الدافئة وكل ما يستر جسدها الأسمر من قماش الصدق والكبرياء والعفاف قطعة قطعة.. ليتمتع بها برنار هنري ليفي في لياليه الصهيونية ..

إذا كان الثورجيون العرب قد امتهنوا الكذب التوراتي وفتحوا زنازين الأكاذيب للحقائق، فإننا سنقيم للمنطق بالمقابل مهرجاناً كبيراً، وندعو الصدق إلى هذا المهرجان الكبير ليكون ضيف الشرف الرفيع بعد أن أذلته وأهانته بيانات (الثورة السورية) وأذاقته السم الزعاف وجلدته بتصريحات فرنسي ثمل اسمه برهان غليون.. سنقيم مهرجان الحقيقة هنا في هذه المقالة.. فالناس في الأزمات قد تثني على من يرفع معنوياتها ويشبع شوقها لأخبار النصر، لكنها لن تغفر لمن فعل ذلك و”هو يدري” أنه يطهو لها الحصى ويعدها بالطعام الدسم.. وفي التراث أن “هاشم” جد الرسول الكريم سُمّي هاشماً لأنه هشّم الخبز في مرق اللحم في سنوات القحط ليطعم الجياع “الثريد”.. وفي هذه الأزمة الناس جوعى للحقائق ولم تمضغ من أخبار الجزيرة وزغاريد المعارضة سوى الحصى والطين.. ولذلك فإننا لن نضع في القدور الحصى والحجارة.. بل سنهشّم الخبز في “الثريد”.. خبز الحقائق ونعطيه للناس بلا مقابل كما فعل جدنا هاشم.. فالكلمة الصادقة حسنة عظيمة في زمن النفايات الثورية..

ماذا تريد الجامعة العربية أن تقول؟؟..

إن من يعتقد أننا أخذنا على حين غرة بقرارات الجامعة العربية فلاشك أنه لا دراية له أننا أعرف الناس بأخلاق عرب النفط.. أخلاق عرب النفط لونها بلون النفط ورائحتها كرائحته ولا فرق بين برميل النفط وبرميل الأخلاق لديهم سوى أن برميل النفط أغلى سعراً وتحدّده “أوبك”.. أما سعر برميل خام الأخلاق العربية الملكية والأميرية فتحدده “ايباك”.. والفارق بين “أوبك” و”ايباك” هو كالفرق بين حمد بن جاسم وبنيامين نتنياهو.. أو بين حمد بن خليفة وباروخ غولدشتاين.. أو بين عزمي بشارة وايليا كوهين.. أو بين يوسف القرضاوي ومائير كاهانا ..

أما من يعتقد أننا وضعنا بسذاجة كل البيض السوري في سلة نبيل العربي فلاشك أنه لا يعرف أننا لا نضع أي بيض في سلال تختبئ فيها ثعابين كامب ديفيد.. ومن يظن أن السوريين قد تلقوا صدمة وأنهم قد رفعوا حواجبهم تعجباً وشهقوا وتلفتوا مستغربين من قرارات العرب، فلاشك أنه لا يعرف من ألوان السياسة إلا مثل ماتعرف موزة بنت ناصر المسند.. أما من يعتقد أن الأزمة السورية لم تعد تعرف اتجاهاً ولا قراراً فسنقوده اليوم إلى حيث يتعلم السياسة على أصولها.. الجامعة العربية لم تفاجئنا إلا بأنها لم تعقد اجتماعها في تل أبيب ولاتزال تحافظ على المجاملات والشكليات!!.

 قبل كل شيء.. لا يعتقد عاقل أو نصف عاقل أو ربع عاقل أن الأزمة السورية انطلقت أو أطلقت لتغير نظاماً أو رئيساً.. بل إنها أطلقت لتنهي آخر مراحل رسم خارطة كبيرة وجغرافيا واسعة ولتلعب بمصير مستقبل الأعوام المئة القادمة، كما فعلت ما تُسمّى الثورة العربية الكبرى منذ قرن التي انتهى مفعولها عام 2006 بنهوض محور جديد سنتحدث عنه لاحقاً..

ولابد من التسليم أن الصراع بين المحاور العملاقة أنطلق الآن كالقذيفة ولن يعود إلى حجرة النار أبداً ووضعت جميع الأطراف “المباشرة” مثل السعودية وقطر وتركيا وسورية و”غير المباشرة” مثل روسيا والصين والغرب أمام خيار واحد هو خيار طارق بن زياد.. أي إحراق سفن العودة وإعلان (العدو من أمامكم والبحر من ورائكم).. فكل السفن في المنطقة احترقت.. السفن السعودية والقطرية والخليجية والتركية.. وكذلك احترقت السفن السورية.. لا يقدّر أحد بعد الآن أن يتراجع إلا إلى البحر.. وللمفارقة التاريخية فإنه في عهد (خلفاء الشام) قام طارق بن زياد بعملية فتح الأندلس وتغيير الجغرافيا والتاريخ بعد إحراقه السفن..

 وكذلك لم يعد الغرب قادراً على التراجع في المعركة أمام الروس الذي اكتشفوا أن الغرب لم يكتف بتشتيت الحقبة السوفييتية بل يريد رأس روسيا نفسه الذي سيسقطه في بحر طرطوس قبل أن تنهض من جديد رؤوسها النووية لتتحدى.. وقد فهم الروس أن الغرب سيحبس روسيا خلف مضائق البوسفور والدردنيل إلى الأبد حتى تنهار وتذوب كالثلوج في دفء “الربيع العربي والإسلامي”.. وكل من يعتقد أن روسيا ستغير موقفها بأية مغريات فهو لا يعلم في السياسة أكثر من.. مسند (أبو موزة بنت مسند) ومن صهر مسند حمد..

 هل سيثني موقف العرب روسيا عن عزمها الاستمرار الفعال في المحور السوري؟..

إن الناظر للخرائط بعين البحّار يرى أن روسيا إن تراجعت الآن وانكفأت، وقعت.. فالضفاف المائية يتقاسمها الأقوياء دوماً للحفاظ على الردع الاقتصادي والتجاري المتبادل وهو أساس الصراع الدولي.. فمثلاً إبان الحقبة السوفييتية عندما وضعت الولايات المتحدة قدميها على ضفتي قناة السويس (عبر إسرائيل ومصر بعد كامب ديفيد).. قام السوفييت بتوازن ذلك عبر وضع قدمين واحدة في إثيوبيا (منغستو هيلا ميريام) والحكم الشيوعي في اليمن الجنوبي، وذلك لإغلاق باب المندب إذا ما تلاعب الأمريكيون بحرية الحركة في السويس..

واليوم تقف أمريكا على الضفة العربية للخليج وتحتاج روسيا حليفاً على الضفة الأخرى فتجد في إيران مؤازراً لموازنة التواجد الأمريكي في تلك المياه التي لا تستطيع إيران التهديد بإغلاق هرمزها دون موافقة وتنسيق مع الروس.. وفي البحر المتوسط الذي صار بحيرة أمريكية لم يبق أمام الروس إلا المياه السورية التي تقف كنظير لمضيق جبل طارق على النهاية الأخرى من البحر المتوسط.. مضيق جبل طارق “السوري” هو ميناء طرطوس الذي يقف كالممر بين البحر واليابسة الآسيوية المترامية.. فمن يقف على طرطوس.. يلوح لمن على جبل طارق على خط النظر ويلمح إلى حدود الصين دون عائق نظري.. وكل تجارة الغاز والنفط القادمة من الشرق إلى الغرب ستمر عبر أراضي مضيق جبل طارق السوري.. (وليس الإسباني-البريطاني).. ولذلك لا يمكن للروس التراجع.. والدليل أنهم فتحوا مخازن السلاح ودفعوا أسلحتهم المتطوّرة وتقنييهم وسفنهم وأقمارهم الصناعية لمؤازرة المحور السوري.. أما بعض التصريحات الروسية المسلوقة التي يتلقفها مهابيل (الثورجيين) فهي تشبه تصريحات الروس بعد عام 2006 رداً على احتجاج إسرائيل من اكتشافها لصواريخ الكورنيت الروسية المضادة للدروع بيد حزب الله.. إذ قال الروس إن ذلك تمّ من غير موافقتهم أو علمهم.. لكن السر كان أن الروس أعطوا موافقة ضمنية قوية للسوريين بتمرير السلاح إلى حزب الله بعد انسحاب السوريين من لبنان وقالوا للسوريين بأن يعلنوا عن اختفاء بعض ذخائرهم المضادة للدروع بطريق الخطأ والضياع وربما السرقة في لبنان في فوضى ولجّة الانسحاب المتعجل!!.

لم يعد بمقدور أحد متورط في الأزمة السورية ألا يطلق النار.. فانهيار هجوم المحور السعودي- القطري -التركي- الغربي على سورية قد يرتد على المهاجمين الذين لم يعد في مصلحتهم القبول بنصف خسارة أو نصف نصر.. لسبب واحد أن سورية لا تمثل نفسها في هذا الصراع بل تمثل محوراً ناهضاً ووتداً كبيراً.. والمحاور عندما تتصارع لا تستطيع إلا أن تخوض صراع بقاء لا يتحمل فيه الآخر بقاء نظيره مهما كان الثمن.. بعكس صراعات الدول المعزولة.

 هكذا تخاض صراعات المحاور.. معركة حياة أو موت دون خيار ثالث.. فقد انهار المحور الألماني الياباني الإيطالي بشكل مدوٍّ رغم استمرار النزاع مع المحور انغلوساكسوني سنوات ولم يقبل أي طرف بنصف النتيجة.. وهكذا انهار يوماً المحور الشيوعي بالكامل بكل قطعه بعد صراع مرير لعقود مع خصمه.. واليوم هذا محور آخر نفطي رجعي عربي تركي غربي (بجذور صهيونية) وضع كل ثقله ضد محور سوري إيراني روسي صيني حديث أطل برأسه عام 2006 عندما حدث أول احتكاك بين حزب الله وإسرائيل.. وظهر أن المحور الوليد مصمّم وخطر جداً وطموح جداً.. وليست مبالغة أن وصفت هذه المعركة بأنها معركة القرن الحادي والعشرين الذي سيتقرّر شكله قريباً!!..

بعد هذا النزال العربي- العربي في الجامعة العربية الذي لم تشهد المنطقة العربية مثيلاً له إلا النزال العراقي الكويتي، لم يعد هناك مجال للتراجع من قبل أحد الأطراف فالقلوب تنافر ودّها كما أن الجغرافيا القديمة تعبت من ثبات خطوطها وحدودها.. وما بيننا وبين العرب النفطيين لم يعد الخلاف فيه على مقولة “أنصاف رجال”.. بل الخلاف أن بيننا وبينهم.. دمنا الذي سفكوه وأنهم كانوا يبيعون نفطهم بالبراميل ويتعاملون مع دمنا كالنفط في براميله.. وبيننا وبينهم صراع الخير والشر.

طبعاً ليس هناك من شك أن من وضع الخطط المتعلقة بإسقاط النظام السوري لم يعد يستطيع التبجح بالقول إنها تسير كالساعة وأنها لا تتعثر.. أو أنه أحرز نصراً كاملاً أو شبه كامل.. والتوصيف الدقيق هو أنه ألحقت بمن خطط نصف هزيمة حتى الآن.. لكنها بمقاييس المحاور خطرة جداً وتشبه إحداث جرح بليغ في حيوان ضار.. إن أصابه جرح بليغ آخر فقد مات وانتهى..

وبالمقابل لا يستطيع المحور السوري وحلفاؤه أن يعلنوا أنهم ألحقوا هزيمة كاملة بالمعسكر الآخر، بل يمكن القول إن ما تحقق الآن هو نصف انتصار “ليس سهلاً” للمعسكر السوري عبر إرغام الخصم على الانكفاء للخلف دون أن يستسلم أو يغير هدفه.. وقد كلّف هذا النصف انتصار ربما كل ما ادخره السوريون خلال الأعوام الثلاثين الأخيرة.. وكلفهم أثمن مااعتزوا به وراكموه وهو أمان بلادهم ووئام أهلها بعد الدسائس العربية..

المحوران المتصارعان يدركان أن المرحلة القادمة هي المرحلة الأخطر لأن اللعب فيها صار من غير أقنعة.. فلم يعد أحد يستطيع قبول غياب مؤامرة، وأن المؤامرة أوهام واختراعات وملاذات إعلام النظام “الديكتاتوري”.. ولولا وجود المؤامرة لما تدخل نفس المحور العربي الغربي (بنفس مكوناته التي تورطت في سورية) ضد مشروع صدام حسين سابقاً وضد مشروع عبد الناصر وضد مشروع الخميني وضد المشروع السوفييتي.. وكل هذه المشاريع التي يكون نفس العربان (الخلايجة) عمودها الفقري دوماً يجمعها قاسم مشترك وهو أنها تتضمن احتمالات إيذائها لإسرائيل بشكل مباشر أو غير مباشر..

العرب في جامعتهم العربية صارت خطتهم واضحة (في ظل استحالة قدرتهم على الحسم) وهي إطالة أمد النزاع الداخلي السوري بالمماطلة ورفض التعامل بموضوعية مع التقارير والوساطات والتهدئات لإرهاق الجهد السوري والشعب السوري في رهان على العامل النفسي وعامل الزمن الذي قد يأكل الاقتصاد السوري، بل وقد يغيّر نفسياً من تعاطي الناس مع الأزمة.. فرؤية المشاهد اليومية للعنف قد يجعل وصول العنف إلى أية بقعة سورية شيئاً مألوفاً ومنتظراً.. وتمتص دوامات العنف هذه الشباب الذي كان سيذهب إلى الجامعات.. ليتحول إلى الذهاب إلى الميليشيات.. أي دفع الناس إلى الجنون!!…

لذلك ولدعم هذا الاتجاه أُطلق فجأة قرار أوروبي بحصار النفط الإيراني لأنه طريق لقطع الطريق ما أمكن على احتمال مساندة الإيرانيين اقتصادياً للسوريين.. وفي نفس الوقت ينطلق العرب إلى إغراق شوارع سورية بالمسلحين والقتلة المأجورين باسم “الثورة”.. ولن يكون أمام الدولة السورية إلا خياران اثنان: إما أن تخوض معهم قتال شوارع مكلفاً وطويلاً.. وإما أن تقوم بسحق المتمردين في عملية خاطفة ماحقة لكنها تحمل مخاطر انقلاب جمهور محايد كبير نسبياً (هو أميل للدولة) ينظر إلى الصراع الداخلي ولا يستطيع فهم تفاصيله بوضوح بسبب تشويش الإعلام العربي الذي يعمل بطاقته القصوى وهو بحالة استنفار دائم لينقله بالقوة إلى الشعور بالانفعال الخاطئ في اللحظة الخاطئة..

وفي حال قرّرت الدولة السورية التزام ضبط النفس فإن هناك شارعاً قد لا يقبل بالهدوء إلى مالا نهاية على استفزازات القتلة وتصرفات فرق الموت “الثورية.. ولا يستبعد بعض الخبراء أن يكون العرب وعبر لبنان وتركيا والأردن يحاولون تمرير سلاح إلى المدنيين الموالين للنظام أيضاً وإلى الأقليات بشكل تكون كمية السلاح المتاح لديهم توازن ما لدى الميليشيات الإخوانية وذلك لإطلاق حرب أهلية التي لا يمر يوم إلا ويُبشّر السوريون بها.. أي لا تمانع الدول العربية في أن يتم تسليح الجميع “وليس السنة وحدهم” كي تنطلق ماكينات الموت الرهيب نحو السنة وغيرهم.. وباتجاه الجميع .. عندها سيموت النظام بالموت البطيء.. وهو المطلوب!!.

أما كيف يفكر ويخطّط أعضاء المحور السوري فهو مختلف تماماً.. فهو يعرف أن الانتظار طويلاً ليس في صالحه ولا صالح جمهوره.. وكل الأحداث تشير إلى أنه أنهى ترتيب أوراقه وأنه انتظر إلى آخر لحظة.. لحظة الاعتراف بوجود مسلحين وخلق انشقاق لدى الرأي العام العربي لأول مرة لصالحه، وتم تجريد المسلحين من اسم ثوار إلى قتلة خطرين.. لكن ماذا وأين سيكون أول تحرك للمحور السوري وفي أي اتجاه ستكون الأولوية؟؟ ربما سيكون في تفتيت القوة المسلحة للعصابات لإحداث شلل لدى الخصم (العربي التركي الغربي) بعد تجريده من سلاحه ومسلحيه؟؟.. وقد وصل التحمل إلى ذروته.. فعندما ينتشر اللصوص في الطرقات فأنت لا تستطيع الدفاع عن نفسك بالقصائد والشعر بل بالسلاح.. وعندما تنزف لا تستطيع إرقاء الجروح بالرقى والتعاويذ والتمنيات بالشفاء بل بالكيّ.. بالحديد المحمّى.. ربما هذه هي الترجمة الخفية لتصريح وليد المعلم الأخير.. فانتظروا “الحديد المحمى”..أيها القتلة!!.

ما نعرفه أن المعركة قوية وأنها ليست معركة الرئيس بشار الأسد ولا نظام الحكم بل معركة كل السوريين.. وما نعرفه أن الانتصار في هذه المعركة ربما سيكون انتصاراً لأبنائنا وثأراً لأجدادنا من إهانة معاهدة سايكس بيكو.. وما نعرفه أيضاً أن المحاور تهتز وتتلاطم بالأكتاف في هذه اللحظة.. وقد يكون هناك اهتزاز قادم.. من حيث لا نتوقع.. شمالاً أو جنوباً..

المعارك والصراعات تسير جنباً إلى جنب مع النبوءات الغريبة التي لا نفهم لماذا تتحقق أو كيف تتحقق.. المعركة على ما يبدو ستكشف عن نبوءة القذافي التي رآها الجميع وتنبأ أن “الدور قادم على الجميع بعد صدام حسين”.. ففي مشهد الرئيس الراحل معمر القذافي رسالة بليغة وهو ينزف قبل أن يموت.. في صورته التي انتشى بها السعوديون والقطريون وغيرهم صورة الفرنسي الثائر “دانتون” الذي أمر ماكسميليان روبسبيير بإرساله إلى المقصلة في حملة موت ثوري رهيب طالت بضعة آلاف من الفرنسيين في بضعة أسابيع من عمر الثورة الفرنسية.. وعندما اعتلى دانتون المقصلة قال نبوءته الشهيرة: ستلحق بي قريباً ياروبسبيير.. أؤكد لك.. وكان هذا ما حصل.. فلقد تمرد باراس وداتاليان وهاجما مقر روبسبيير وأرسلاه إلى المقصلة.. ليسقط رأسه في سلة سقط فيها قبله رأس دانتون..

لم نسمع ما قاله القذافي قبل لحظات إعدامه ولانبوءات كتابه الأخضر.. لكن يقال إنه في لحظات الاحتضار تقول العيون لقاتليها ما لا تلهج به الشفاه الصامتة.. في نظرة القذافي الأخيرة المغطاة بالدم والإرهاق رسالة دانتون الحاسمة ونبوءة الموت: ستلحق بي .. ياحمد.. أؤكد لك ذلك..

 أما كيف هذا.. فلا أدري.. واسألوا المحاور المتصارعة.. ومزاج الزمن القادم.. ولو كان دانتون حياً لعرفنا سر يقينه بالنبوءة.. التي لا أخفي أنني أترقب وصولها إلى الأمراء والملوك بتوق بعد أن أكلت من جماجم الرؤساء العرب ومن رؤوس ملايين المواطنين العرب بسبب ملوكهم وأمرائهم.. وآن لها أن تحطّ رحالها عند نفط العرب.. وشيوخهم!.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock