مقالات وآراء

و يصح في سورية أيضا .. بقلم غالب قنديل

يتبارى مؤخرا قادة حركة حماس و متحدثوها في تلاوة المحاضرات عن الديمقراطية و استنكار ما يدعونه قتل الشعب في مناسبة الكلام عن الوضع السوري .

أولا يبدو أن العديد من قادة حماس يفرطون في افتعال الكلام عن هذا الموضوع بنبرة ملؤها الحقد و التحريض ، لتقديم أوراق اعتماد معززة إلى قيادة التنظيم العالمي للإخوان المسلمين الذي أنكر يوما على فرعه الفلسطيني حمل السلاح في انطلاقته و أراد له الاكتفاء برجم الحجارة و الدعاء على الكيان الصهيوني ، و رسالة قادة حماس تتوجه أصلا لاسترضاء جميع المتورطين في حرب الناتو لتدمير الدولة السورية و خصوصا إمارة قطر و حكومة الوهم العثماني و كلا من الإدارة الأميركية و حكومات فرنسا و بريطانيا و ألمانيا العزيزة على أعضاء التنظيم العالمي الذي يطلب لنفسه الإمرة على بلاد العرب بالوكالة عن الغرب و بعين الرضا الإسرائيلية ، و قد باتت شتيمة سورية و الشراكة في السعي لتدميرها بطاقة مرور إلى منتديات الغرب الاستعماري و عملائه.

ثانيا لم ينقض الكثير من الوقت على تجربة حماس في التصدي للانقلاب الأميركي الإسرائيلي الذي قاده و نظمه محمد دحلان و الجنرال كينيث دايتون بالاشتراك مع المخابرات المصرية بعد اتفاق مكة.

يومها جرى احتلال مكاتب فتح و اعتقال الآلاف و قتل العشرات في إطار التصدي لانقلاب أميركي رجعي لمصلحة العدو الصهيوني يستهدف خيار المقاومة و نهج المقاومة في قطاع غزة ، و حتى الساعة ما يزال الآلاف ممنوعين من دخول القطاع تحت طائلة القتل أو الاعتقال ، بفعل تلك الظروف وما ترتب عليها و قد استهدفت تدابير شرطة حماس عائلات عن بكرة أبيها بتهمة الارتباط بفتح و بالمؤامرة الانقلابية و لطالما وصفت إجراءات حماس بالبوليسية و الإرهابية و بالبطش الدموي و من قبل من باتوا راهنا شركاء قيادة حماس في الحملة على سورية.

ثانيا إن ما تتعرض له سورية اليوم لا يختلف في شيء عن تلك الأحداث التي استهدفت غزة مبدئيا بفارق الحجم و الأدوات و الموقع ، فالمستهدف في سورية هو خيار المقاومة و نهج المقاومة و مؤامرة الانقلاب يقودها تنظيم الأخوان المسلمين في سورية و معه عصابات إرهابية و لصوصية متعددة المصادر و تخاض تلك الحرب لتدمير سورية ولتقويض منظومة المقاومة بدعم من التحالف الذي يضم حكومات الناتو و الخليج و تركيا و تنظيم الأخوان في كل مكان من الأرض العربية بالإضافة لفصائل التكفير العالمي .

عندما تعرضت حماس لتلك المؤامرة ، انبرت سورية و جميع شركائها في منظومة المقاومة يومذاك يدافعون عن قيادة حماس و يشرحون حقها المشروع في التصدي لمؤامرة أميركية رجعية تستهدف نهج المقاومة بينما تنضم قيادة حماس جهارا إلى طوابير الحرب على سورية.

ثالثا الشيء بالشيء يذكر و ثمة حدث من المآثر “الديمقراطية” لم يطوه النسيان بعد ، عندما تواجد عناصر جماعة القاعدة في غزة و نشطوا على الأرض و بعدما لاحت آفاق التصادم معهم تحركت قوات الشرطة الحماسية في القطاع لمحاصرتهم و تم تدمير مسجد على رؤوسهم و جثثهم في عملية اقتلاع غير مسبوقة و لم تصدر عن سورية و أي من أطراف منظومة المقاومة أي مواقف ناقدة لتصرفات حماس في هذا المجال انطلاقا من الحرص على المقاومة و على مكانتها السياسية و المعنوية و حصانة ساحتها و ربما أبلغ العتاب على الوسيلة لمن يلزم و من باب الحرص نفسه و هو ما لم تفعله قيادة حماس مع سورية إن كان اعتراضها على وسائل التحرك ضد الانقلاب و ليس على المبدأ.

رابعا إن من حق حماس أن تنتقد أيا من وجوه الأداء السياسي و الميداني للدولة السورية لكن ما ليس من حقها لا أخلاقيا و لا وطنيا هو التستر على حقيقة المخطط الاستعماري الغربي الذي يستهدف دولة هي ركيزة المقاومة و قلبها النابض وفقا لما ردده قادة حماس و رموزها طيلة السنوات الماضية ، و لا يحق لأي كان من زعماء هذه الحركة أن يحاضر بالديمقراطية ، حين يتصل الأمر بمجابهة هجمة معادية أشرس آلاف المرات من كل ما تعرض له قطاع غزة و فعلت حماس ما فعلت في حينه ، تحت شعار صد المؤامرات و إفشالها و استباحت شتى الوسائل و السبل لتوطيد سلطتها بعنوان حماية خيار المقاومة ، بكل بساطة : كيف لا يصح في سورية ما صح في غزة ؟!.

غالب قنديل

(المقالة تعبر عن راي الكاتب، وهيئة التحرير غير مسؤولة عن فحواها)

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock