مقالات وآراء

أمريكا تسحب أسطولها من المياه السورية ولكن إلى أي وقت .. بقلم د. رولاند بيجاموف

قبل نشر منظومتي الصواريخ “باتريوت” في الأراضي التركية ،اللتين أعلن عنها في 13 كانون الأول/ ديسمبر، قبل ذلك بفترة وجيزة قامت قيادة الأسطول البحري الأمريكي بسحب قواتها من المياه الشرقية …
للبحر الأبيض المتوسط، متمثلة بحاملة الطائرات “إيزنهاور” والقوارب المهاجمة التي تصاحبها، والسفينة “إيفَودزيما” بجنهودها البالغ عددهم 2000 جندي بحري، كانت هذه القوات تتواجد على مرمى حجر من الحدود السورية منذ منتصف تشرين الثاني/ نوفمبر في تمام جاهزيتها، وكان يعتقد الخبراء أن ذلك ليس إلا استعدادا للمشاركة بالعمليات العسكرية ضد سوريا

فلماذا قرر الأمريكان سحب أسطولهم؟

ما الذي يتوارى خلف عملية انسحاب القوات البحرية الأمريكية من مياه المتوسط؟ يرى الخبراء الإسرائيليون بناء على مصادرهم العسكرية أن الرئيس الأمريكي باراك أوباما قرر بهذه الخطوة أن يقضي على التوتر بين إيران وسوريا من جهة وتركيا من جهة أخرى قبيل زيارة رئيس الوزراء الإيراني أحمدي نجاد إلى تركيا،

وتفيد مصادر دبلوماسية أمريكية أن أوباما قرر استخدام هذه الفرصة لإيجاد نقاط التقاء مع إيران في الشأن السوري، ولهذا السبب أيضا وصل وزير الدفاع الأمريكي ليون بانيتا في 14 كانون الأول/ ديسمبر إلى قاعدة القوات الجوية الأمريكية في الجنوب الشرقي من الأراضي التركية، فهو يريد أن أن يشرح للجهة التركية نوايا الإدارة الأمريكية.

أجرى بانيتا لقاءا مع وزير الدفاع التركي إسميت إلماز ورئيس هيئة أركان الجيش التركي نجاد أوزل ومسؤولين وجنرالات من حلف شمال الأطلسي بمن فيهم الأدميرال جيمس ستافريدس، بهذا الشكل لم يكن تفسير سحب القوات البحرية الأمريكية قبل يوم 14 كانون الأول/ ديسمبر بتسهيل التفاهم بين تركيا وإيران صحيحا وحسب بل كان الأكثر واقعية، وقيم كخطوة فعالة من قبل الرئيس الأمريكي.

لماذا غادر الاسطول الامريكي المتوسط
إيران تصفق الباب بقوة!

ولكن حدث ما لم يكن بالحسبان!، لم يكن من الوقت ما يكفي ليبتعد الأسطول الأمريكي كثيرا عن المياه السورية، وينهي وزير الدفاع بانيتا مفاوضاته مع المسؤوليين الأتراك، حتى صرح رئيس أركان الجيش الإيراني الجنرال حسن فيروز آبادي في 15 كانون الأول/ ديسمبر تصريحا حادا بشأن نشر “الباتريوت” الأمريكي في جنوب شرق تركيا، ويتلخص بأن هذه المنظومات قد تصبح أداة لبدء حرب عالمية جديدة، إذ أنه يرى من خلالها تهديدا للإنسانية جمعاء بما فيها الحضارة الأوروبية.

أما يوم أمس 16 كانون الأول/ ديسمبر فقد قام رئيس الوزراء محمود أحمدي نجاد في اللحظة الأخيرة بعد أن انتظر فترة وجيزة كخطوة تكتيكية يصفق الباب بعدها بأشد ما يمكن بالإعلان عن امتناعه زيارة البلد المجاور في ظروف التهديدات المتصاعدة بالحرب نتيجة تفاقم الأحداث في سوريا والتي تستمر 21 شهراً.

ينسحب الأسطول ليعود من جديد!

لا يبقى للخبراء إلى أن يقروا بأن خطوة أوباما بسحب أسطوله من أجل تحقيق جو من استعداد للتفاهم بين إيران وتركيا كانت خاطئة، وهل كان لها أن تتخذ وجهة أخرى؟ ما كان مسؤولو البنتاغون أن يتجاهلوا أنهم بنشرهم صواريخ “باتريوت” على الحدود التركية السورية سيؤثرون سلبا على العلاقات الإيرانية التركية، يرى الكثيرون أن الإدراة الأمريكية استغلت إبعاد هذه القوات البحرية من أجل إجراء التصليحات اللازمة، وأن ذلك ما كان ليهدئ من قلق إيران، فالإنسحاب المؤقت لا يمكن أن يعوض عن الوضع الذي خلقه وجود المنظومات الصاروخية الأمريكية في تركيا.

وخاصة أن الأسطول الأمريكي ذهب ليعود من جديد، أغلب الظن.

د. رولاند بيجاموف

(المقالة تعبر عن راي الكاتب، وهيئة التحرير غير مسؤولة عن فحواها)

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock