مقالات وآراء

تفجيرات دمشق والنفخ في “الغليون”

نطق الـ… برهان وقال متهماً، دون تفكير أو تدبير، النظام السوري بأنه وراء التفجيرين اللذين استهدفا مقرّات أمنية رسمية في دمشق. وقرّر برهان، من دون برهان لا من أردوغان ولا من الأمريكان، أن “النظام السوري وحده يتحمّل المسؤولية المباشرة عن التفجيرين الإرهابيين مع أجهزته الأمنية التي أرادت أن توجّه رسالة تحذير للمراقبين العرب بعدم الاقتراب من المقرات الأمنية، وأخرى للعالم بأن النظام يواجه خطراً خارجياً وليس ثورة شعبية…”.

ولمن لم يتنبّه بعد، فبرهان غليون هو “قائد” واحدة من تلك المخلوقات العجيبة العديدة التي خرجت من رحم المخابرات الأميركية والإنكليزية والفرنسية والتركية تحت مسمّيات عديدة، وبوظيفة مشتركة هي إسقاط النظام السوري برعاية أميركية ـ أطلسيّة زيّنت لكلّ “قائد” في المعارضات المختلفة، بمن فيهم برهان، أنه قد يصبح “الخليفة” الجديد في دمشق.

وتبيّن بسرعة أن سقف معارضة برهان عالٍ جداً، وخصوصاً عندما “اشترط” على الجميع، بمن فيهم صانعوه، أن يسلّموه السلطة قبل البدء بأيّ حوار مع النظام. وكأن “التوريرو” الأميركي راح يلاعب غليون بالراية الحمراء، فأفقده عقله وصوابه، ودفعه مختالاً مهتاجاً يناطح أوهامه والهواء. هذا بالنسبة لبرهان غليون الذي صدّق نفسه قائداً لثورة لم تحدث. فالثورات تصنعها الشعوب لا كواليس المخابرات ومجموعات الإرهابيين المحلية والمستوردة. و

ما تشهده سورية، اتضح اليوم أكثر من أي وقت مضى، أنه ليس ثورة، بل مشروع سيطرة أميركية ـ أطلسيّة على كامل منطقة الشرق الأوسط بآبارها ومواردها الطبيعية الهائلة، بدأ تنفيذه منذ ما قبل الحادي عشر من أيلول 2001. وبعد أفغانستان والعراق وليبيا، ها هو المشروع يحطّ رحاله اليوم في سورية. أمّا بالنسبة لتفجيرات دمشق الإرهابية، فتأتي متزامنةً مع وصول وفد المراقبين العرب إلى دمشق في سياق تطبيق البروتوكول العربي المقدّم من جامعة الدول العربية.

وليس من مفارقات الصدفة أن يسبق هذه التفجيرات، وربما يمهّد لها، مناخ تشاؤمي حاولت إشاعته المعارضات السورية عندما استبقت وصول المراقبين بالتشكيك في قدرتهم على تحقيق أيّ خرق على صعيد وضع حدّ للأزمة أو لأعمال العنف التي تشهدها المدن والشوارع. وقبل يومين أو أقلّ، طالب برهان غليون (نفسه أعلاه) الجامعة العربية بتحويل الملف السوري إلى مجلس الأمن مناشداً إياه اتخاذ قرار بإعلان مناطق سورية عديدة “مناطق آمنة بحماية دولية” ذكّرتنا بـ”المناطق العازلة” التي دعت تركيا إلى إنشائها قبل أسابيع. ولم ينسَ غليون أن ينتقد الجامعة العربية لقبولها بإرسال مراقبين، فالمبادرة العربية لم تعد كافية في نظره “لقطع يد النظام”.

إذاً، الجامعة العربية تتراجع عن نواياها وتهديداتها، ولو في الظاهر، لمصلحة الحلول السياسية، وأميركا تناقش المشروع الروسي المقدّم إلى مجلس الأمن “بإيجابية” ملتبسة. والغليون كأنّه يطلق النار في الساحة وحيداً، ويطلب حلاً على الطريقة الليبية. وحيداً؟ لا ليس وحيداً. فعرب أميركا يمارسون “فحيحهم” تحت الطاولة بانتظار أيام أفضل. والأميركيون يحاورون الروس قبل الظهر، وينتقدون مشروعهم بعد الظهر. وجميع هؤلاء يستمرون في التحريض والتعبئة ضد سورية على لسان غليون. نعرف من ينفخ في “الغليون” ولكن لا نعرف ماذا يخبّئ النافخون لسورية غداً.

ابراهيم المتني  – البناء

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock