الصحف العربية

المنار : تحويل سورية الى امارة .. المصيدة الاميركية

مع إقتراب الازمة السورية من إنهاء عامها الثاني تتكشف أكثر طبيعة المجموعات المسلحة التي تقاتل الجيش السوري ، والدول الداعمة لها والغايات المرجوة من تأجيج النزاع السوري خدمة لأهداف تتعدى هذا البلد ، الذي يُراد ابعاده عن دوره الاقليمي الذي لطالما اضطلع به في العقود الاخيرة ، ولعل أحد أخطر هذه الاهداف هو ضرب النسيج الداخلي السوري وتمزيقه وتسعير “الحرب على الهوية” ، وهو ما اقتضى الاستعانة بشعارات جذابة تحت عناوين “الجهاد” لجلب مقاتلين قرييبن من فكر القاعدة للقتال في سورية….

التركيز على مذهبة النزاع السوري من قبل وسائل اعلام اجنبية وعربية

منذ اليوم الاول لاندلاع الازمة في سورية ، دأبت وسائل اعلام وعربية وايضاً وكلات انباء أجنبية على اضفاء الطابع المذهبي على المشهد السياسي والتركيز على ان “أقلية علوية تحكم أكثرية سنية” ، وتركيز على “جرائم” يرتبكها النظام بحق هذه الاكثرية على خلفيات مذهبية بهدف زيادة الشرخ داخل السوري ، ورغم ذلك ظل الجيش السوري متماسكاً (رغم الانشقاقات المحدودة ) فيما شهدت مختلف المدن السوري دون استثناء مسيرات مليونية دعماً للخيارات التي تتخذها القيادة السورية.

لكن استمر العمل ليل نهار على زيادة الفرز داخل الصف السوري ومذهبة النزاع لانه الامل الوحيد كما تعتقد بعض الاطراف العربية والغربية لضرب سورية من الداخل واشغالها وصولا الى انهاكها عسكرياً وسياسياً لفترة طويلة من الزمن.

تحويل سورية الى امارة… المصيدة الاميركية

من هنا عمدت وسائل اعلام ومواقع إنترنت على التحريض المذهبي وصدرت فتاوى دينية تشجع على القتال في سورية ورفعت عناوين “الجهاد لنصرة المظلوم” وغيرها مما يستفز المشاعر بهدف تحريض العناصر المتشددة للتوجه الى الداخل السوري والمشاركة في الحرب الدائرة هناك.

جعل سورية نقطة جذب للعناصر المتشددة عالمياً

التحريض المذهبي والحرب الاعلامية غير المسبوقة ضد سورية ، نجحت في تعبئة الالاف من تلك العناصر ومن كافة انحاء العالم (الخليج ، مصر ، ليبيا ، المغرب العربي ، باكستان افغانستان…) ، حتى ان الصحافة الغربية والبريطانية (الفايننشال تايمز ، واشنطن بوست) رصدت حركة سفر غير طبيعية الى سورية لعناصر توصف “بالمتطرفة” كانت تعيش في بلدان اوروبية ، وهي تشارك الان في المعارك كما اكدت التحقيقات الميدانية لوسائل الاعلام المذكورة.

وفي هذا الاطار كشفت صحيفة “وطن” التركية “عن وجود في تركيا مجموعة من 10 آلاف مقاتل من عناصر طالبان يحاربون في سورية ويستخدمون تركيا قاعدة لهم. ويُوجد هؤلاء المقاتلون في معسكر جيلفي غوزي في إقليم الاسكندرون، والمعسكر يستخدم كقاعدة لعناصر طالبان ، وبعد أن يقاتل هؤلاء في سورية يعودون إلى معسكرهم. والأكثر خطورة أن ثلاثة آلاف من هؤلاء يحملون الجنسية التركية”.

تصاعد التيارات المتطرفة خاصة القريبة من فكر القاعدة ، ترجم في موجة تفجيرات دموية ضربت عدة مدن وخلفت الاف الضحايا من الابرياء ، في مشهد مكرر عن التجربة العراقية التي صاحبت الغزو الاميركي الى بلاد الرافدين في العام الفين وثلاثة ، حيث أُتهمت أجهزة استخبارات عربية وغربية بتمويل ومساعدة الاف المقاتلين العرب والاجانب على تنفيذ تلك الهجمات التي استهدفت العراقيين طيلة السنوات الماضية خدمة لاهداف خاصة من بينها اولها النيل من وحدة الشعب العراقي وتمزيقه اتنيا ومذهبيا لاستسهلال نهب خياراته ، فضلاً عن العمل على محاصرة قوى اقليمية كايران وسوريا عبر البوابة العراقية.
الاهداف الحقيقية من دفع القاعدة للقتال في سورية
قد يسخر البعض من الكلام حول وجود اتفاق سري بين القاعدة والقوى الغربية على رأسهم الولايات المتحدة لقتال الجيش السوري ، خاصة في ظل العداء والحروب القائمة بين الطرفين في اليمن وافغانستان وباكستان والصومال وغيرها ، لكن تشير الوقائع الواردة من الارض السورية ، الى اهداف اميركية غير معلنة ترمي الى جعل سورية نقطة جذب لعناصر القاعدة من كافة انحاء العالم لغايات عدة بينها:
اولاً: ضرب الجيش السوري واستنزافه واضعافه الى اقصى حد
ثانياً: حصر الاهتمام القاعدي في سورية واشغالهم هناك حتى تتضح صورة المشهد السوري ، ليُصار بعدها الى ضربهم كما حصل في العراق ويحصل الان في اليمن ومنطقة القبال في باكستان.
ثالثاً: إضعاف سورية وقيادتها وإشغالها داخلياً عبر إبعادها عن أي دور مؤثر على الساحة الاقليمية.
رابعاً: تأجيج الخلافات المذهبية في المنطقة، ومحاولة محاصرة ايران وحزب الله في خطوة ترمي الى ابعادهما عن القضية الفلسطينية.
اذاً هي المصيدة الاميركية التي نُصبت لتنظيم القاعدة والتيارات القريبة منه للإندفاع الى الساحة السورية وقتال الجيش السوري نيابة عن الاميركيين والاوروبيين وحلفائهم العرب، وبذلك تكون الادارة الاميركية تحارب سورية وجيشها من بعيد دون الحاجة الى الزج بقوات على الارض وتكبد خسائر فادحة ، طالما وُجد من ينوب عنها في حرب “جهادية” ، وتبرعت دول خليجية بمليارات الدولات لتصفية حسابات قديمة مع خيارات النظام في سورية ، فيما وفرت دول اقليمية الارضية للجماعات المقاتلة في سورية ، علها – كما تعتقد – تستعيد “مجدا ضائعا”…..
سيريان تلغراف
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock