المصنع 797 التابع لمركز البحوث العلمية والذي زعم غليون في مذكرة للخارجية الأميركية أن النظام يخفي فيه معتقلين ، وأنه مركز لأنشطة نووية مشبوهة !
قدم المسلحون التابعون لـ”المجلس الوطني” منذ يومين ، من خلال استهدافهم فرع “مركز البحوث العلمية” قرب قرية “براق” في منطقة السلمية بمحافظة حماة ، برهانا جديدا على علاقتهم الوثيقة واللصيقة بإسرائيل وأجهزة الاستخبارات الغربية الأخرى ، وعلى كونهم مجرد مرتزقة مأجورين لتلك الجهات ويتلقون أوامرهم من وراء الحدود وفق مخطط منهجي مدروس لتدمير البنية العلمية التحتية للصناعات الدفاعية الاستراتيجية في سوريا .
فبعد بضعة أيام وحسب من استهداف إسرائيل فرع المركز في “جمرايا” شمال غرب دمشق ، وهو الشقيق الأكبر للفرع الذي استهدف أمس في “براق” ، وفي الوقت الذي كانوا يستعدون فيه لمهاجمة مختبرات المركز ومصانعه الأخرى في بلدة “السفيرة” جنوب حلب ، أقدم مسلحون تابعون لـ”المجلس الوطني” و “الائتلاف” ، الذي يقوده العميل الأميركي ـ القطري معاذ الخطيب ، على تفخيخ عدد من الباصات التي تنقل العمال من وإلى المركز والمصانع الملحقة به ، ما أدى إلى استشهاد حوالي 113 عاملا وعاملة في آخر حصيلة لهم اليوم ، بعد أن كان توفي العشرات من الجرحى بسبب إصاباتهم البالغة .
ولا يزال أكثر من مئتين من العمال والموظفين قيد العلاج في مشافي حماة وغيرها من المناطق المجاورة ، ومن المتوقع وفاة العديد منهم ـ للأسف ـ بسبب جراحهم البالغة .
كيف حصلت الجريمة ؟
مصادر محلية تعمل في “مركز البحوث العلمية” قالت أن أحد الإرهابيين التابعين لـ”جبهة النصرة” ، الذراع العسكرية الأساسية لـ”المجلس الوطني السوري” و “الائتلاف” ، قام بتفجير نفسه بواسطة ميكرو باص صغير (من النوع المستخدم في “السرفيس”) على مدخل المنشأة الغربي لحظة خروج قافلة الباصات والسيارات التي تقل المهندسين والعمال والموظفين في نهاية يوم عملهم ، وكانت الساعة تقارب الثالثة والنصف عصرا .
وروى أحد الجرحى الناجين ، والذي لا يزال يرقد في المشفى الوطني في حماة ، أن الانتحاري ، ولحظة خروج القافلة من المدخل الغربي للمنشأة ، أطلق العنان لسيارته باتجاه الباصات قبل أن يفجر نفسه فيها .
وقدر وزن شحنة المتفجرات التي كان يحملها بما يزيد عن طنين ، وبعد حصول الانفجار مباشرة ، جرت اشتباكات عنيفة بين وحدات الحراسة الخاصة بالمركز وعشرات المسلحين الذين كانوا تسللوا إلى المناطق المحيطة به قبيل العملية ، فضلا عن الذين انضمموا إليهم من المناطق المجاورة ، لاسيما محيط بلدة الرستن التي لا تبعد عن المكان سوى أقل من 7 كم .
وقد استمرت الاشتباكات حتى الساعات الأولى من فجر اليوم الخميس ، ما أخر إلى حد كبير دون قدوم سيارات الإسعاف إلى المنطقة النائية عن التجمعات السكانية الكبيرة (أقرب مشفى متاح إلى المنطقة يقع على بعد 15 كم في حماة ، وفي السلمية التي تبعد عنه 23 كم).
ومن الواضح أن عصابات “النصرة” كانت تخطط لاقتحام المركز بعد التفجير ، إلا أنها لم تتمكن من ذلك بسبب المقاومة القوية التي ووجهت بها من قبل طواقم الحراسة .
هكذا “وشى” برهان غليون بالمصنع للأميركيين والفرنسيين والاتحاد الأوربي :
في 12 من كانون الأول / ديسمبر 2011 ، أي قبل أكثر من عام ، كشف عن مذكرة أرسلها رئيس “المجلس الوطني السوري” آنذاك برهان غليون إلى الخارجية الأميركية والخارجية الفرنسية ، فضلا عن الاتحاد الأوربي ، زعم فيها أن النظام “وضع خطة لإخفاء المعتقلين في أماكن عسكرية سرية إذا ما وقع البروتوكول الخاص بالمبادرة العربية” .
وكشف مصدر في “هيومان رايتس ووتش” آنذاك عن أن منظمته تلقت نسخة من المذكرة عن طريق أحد مصادرها الخاصة في الخارجية الأميركية ، وكشف المصدر أن المذكرة وملاحقها الثلاثة تضمنت خرائط جوية وإحداثيات خاصة بثلاثة مصانع تابعة لمؤسسة معامل الدفاع “سيقوم النظام بإخفاء المعتقلين فيها” ، هي مصنع الصواريخ في “زيدل” شرقي حمص ، ومصنع الصواريخ في “براق” غربي مدينة السلمية ، ومصنع “الزاوي” قرب مدينة مصياف ، حسب زعمه !
وقالت مذكرة غليون في إحدى فقراتها ما حرفيته “إن هذه الأماكن تضم وحدات لإنتاج الرؤوس الحربية غير التقليدية ( الكيمياية والبيولوجية) ، وهناك واحد منها على الأقل (مصنع “براق” المعروف تحت الرقم 797) يضم أنشطة نووية محظورة دوليا ، وحسب معلوماتنا ، فإنها من الأمكنة السرية التي طالبت وكالة الطاقة الذرية الدولية بتفتيشها خلال السنوات الثلاث الماضية ولم يسمح لها النظام السوري بذلك” والكلام للغليون طبعا !
الغريب في الأمر أن غليون ، وبسبب حماقته ، وقع في الفخ كما تقع الذبابة في اللبن ، إذ لم يمض سوى أسبوعين على كشف خيانته حتى أطلق تصريحه الشهير ، الذي تحول إلى موضوع للسخرية ، حين أعلن عن أن النظام السوري يخفي المعتقلين في “مصانع الصواريخ وحاويات عائمة وسط البحر ، كما أنه يخفي الدبابات في مداخل البنايات من أجل أن لا يراها المراقبون العرب” !! وهو ما يؤكد صحة إرساله المذكرة المشار إليها .
المصنع 797 الذي فجر منذ يومين من قبل أشاوس “ثورة الجواسيس وانتفاضة الحرامية” ، وهذا هو الاسم الذي يجب أن يطلق على أبطالها المسلحين ، ليس سوى مصنع “براق” الذي أشار إليه غليون في مذكرته ، أو مصنع “تل قرطل” ، كما يسميه بعض الأهالي بسبب قربه من قرية تحمل الاسم نفسه .
ولا بد من الإشارة هنا إلى أن المصنع لم يعد تابعا لمؤسسة معامل الدفاع ، بل لمركز البحوث العلمية ، لكن الأهالي ظلوا يطلقون عليه الاسم القديم وينسبونه للمؤسسة المذكورة ، لأنهم لا يعرفون أن تبعيته الإدارية تغيرت منذ سنوات ، وهو ـ بالمناسبة ـ ليس متخصصا بإنتاج البطانيات ، كما قالت بقرة بلدية تدعى”خولة حديد”، مرتبطة بالمسلحين المجرمين في حمص والرستن من خلال شقيقها الذي يقود إحدى عصابات القتلة وقطاع الطرق في المنطقة ، ولا تعرف “كوعها من بوعها” ، ومع ذلك تنتحل لقب صحفية ، وهناك عجول وثيران يتبعونها ويعتبرونها مرجعا معلوماتيا !!
سيريان تلغراف