بلدنا اليوم

مقتل فتى سعودي في سوريا .. بين الجهاد والتغرير بملاقاة الحوريات

أثار مقتل فتى سعودي بإدلب السورية موجة كبيرة من ردود الأفعال والنقاشات بين ناشطين سعوديين ومواطنين عاديين وأقرباء من عائلة الفتى، وجدّد مقتل الفتى الجدل الدائر منذ عقود في المجتمع السعودي حول قضية إرسال الشباب السعودي للقتال في الجبهات الساخنة بدءاً من أفغانستان التي ذاق السعوديون بسببها الكثير من ويلات الإرهاب والعنف ومروراً بالعراق وتداعياتها التي ما تزال مستمرة حتى الآن ولا سيما لجهة المعتقلين المحكومين بالاعدام، ثم أخيراً في سورية الميدان الجديد الذي أصبح يستقطب أكبر عدد من جهاديي السلفية المتطرفة.
ورغم أن عشرات السعوديين قد قتلوا على أرض سورية خلال السنتين الماضيتين، إلا أن مقتل الفتى “يزيد ظافر الشهري” قد حرّك المياه الراكدة في أعماق المجتمع السعودي لتظهر على وجهه بثور التناقضات العميقة التي تشوهه، ولا نغالي إذا قلنا أن مقتل الفتى شكّل أول صدمة حقيقية يستشعرها المجتمع السعودي بسبب تداعيات الأزمة السورية.
ويعود ذلك بالدرجة الأولى إلى صغر سن القتيل فهو مراهق لا يبلغ من العمر سوى 17 سنة وكان ما يزال طالباً في المدرسة الثانوية، وثانياً لأنه وحيد لأهله من الذكور، وقد دخل إلى سورية في الثاني من تشرين الأول العام الماضي، وقتل بقذيفة أطلقها الجيش السوري في فجر يوم الأربعاء الماضي، وكان يتخذ له كنية هي “أبو حفص الشهري” تيمناً بقائد عمليات القاعدة الذي حمل نفس الكنية وقتل في اليمن عام 2011 بغارة جوية نفذتها طائرة بدون طيار تابعة للمخابرات الأميركية.
وكانت أخته منذ خروجه من السعودية قد أنشأت لها حساباً على تويتر بإسم “أخت المجاهد” وعند سماعها بخبر مقتله عدلت الإسم ليصبح “أخت الشهيد يزيد” مما يشير إلى أن العائلة كانت راضية عن خروجه، بل إن بعض المعلومات تؤكد أن والدته كانت تعرف بنيته الذهاب إلى سوريا وزودته بدعائها رغم أنه وحيدها الذي لا ولد لها غيره، حسب ما نقل بعض أصدقاء العائلة على صفحاتهم في تويتر.
وإذ ترافق رضا العائلة مع رضا الشريحة الاجتماعية التي تتبنى أفكار السلفية الجهادية والتي سارع أعضاؤها إلى تقديم التهاني والتبريكات بشهادة الفتى، إلا أنه تعارض مع آراء قسم كبير من النشطاء والمواطنين السعوديين ممن رأوا في مقتل الفتى جريمة شنعاء ينبغي أن يسأل عنها من حرضه على الذهاب إلى سورية.
فقد استنكر (مخلف بن دهام الشمري) الفتاوى التي تصدر بوجوب الجهاد في سوريا وقال: “من يقول ان في العراق وسوريا جهاد فهو كاذب!! والدليل ان من يفتي لايذهب إلى هناك!!” وفي نفس السياق يقول الدكتور (محمد مهنا) بأننا: “لا نلوم الفتى بل نلوم من جنّده وسهّل خروجه وأفتى له بالجهاد وفي نفس الوقت يرسل ابناءه للتعلم في برنامج خادم الحرمين” أما الدكتور وليد الماجد فإنه يقول خارجاً عن طوره: ” لعنة الله على كل … من يحرض المراهقين على الجهاد وهو بالاستراحة يشتكي من طلبات زوجته الرابعة”، وتساءل (محمد الجراد) : “متى يتوقف هذا الجنون! قصّر يخسرون حياتهم بسبب فتاوي دينية حمقاء !! يكفي تبا لكم ولفتاويكم التي تطلقونها من داخل قصوركم”. واشار (نادر العتيبي) إلى أن الحادثة تتعلق بـ: ” مراهق في ثاني ثانوي دخل في صراع دوافعه أكبر بكثير من تخيله لمفهوم ذلك…ذهب مع الريح”.

ولكن هذا الهجوم استدعى ردوداً من الطرف الآخر المؤيد للجهاد، حيث برر (أنس الشمراني) صغر سن القتيل بوجود سوابق من الصحابة فقد: “تقدم ابن عمر في بدر وهو ابن ١٣سنة فرده النبي ثم في غزوة أحد وهو ابن ١٤فرده ثم في غزوة الخندق وهو ابن ١٥سنة فقبله”. وأكد (تركي الأشعري) وهو سعودي يقاتل مع أخيه وابن عمه في سوريا، نفس الفكرة بالقول: ” اذا كان هذا البطل مغرر به اذن كل الصحابة مغرر بهم” واضاف: ” احبار ال سلول وضعوا للجهاد شروط وضوابط مشتقه من قانون مكافحة الارهاب الذي انشأه بوش وبعض العبيد”.
أما (فواز بن عواد العنزي) فإنه يرى أن: “الشباب يحتاج للدعم والتوجيه في هذا العصر المليء بالصعوبات..وفي ظل التيارات الفكرية التي تحاول اختطافهم لتحقق اهدافها”.

مقتل فتى سعودي في سوريا... بين الجهاد والتغرير
وتلفت (أمل البدالي) إلى نقطة جوهرية وهي أنه بغض النظر عن شرعية الجهاد أو لا ولكن هل يجوز إرسال الشباب إلى ساحات الحروب دون إعداد وتدريب مسبق وتتساءل: ” طالب ثانوي عمره ١٧ سنة ! متى أنهى تدريبه ؟! من قام بتقييم قدراته ؟! هل كان يحتمل ميدان القتال والمناورة لأسابيع مثلا ؟! وتضيف: ” تظنون أن الرسول كان سيقبل في جيشه من لم يسبق له التدرب على حمل السلاح ومعايشة الميدان واحتمال المواجهة والإرهاق ؟!!”.
ويحاول (عبدالرحمن سعد) أن يكسر حدة النقاش ليقول ساخراً: “أنا مع الجهاد في سورية إذا كانت الحورية التي ستلاقيني بعد استشهادي تشبه غادة عبد الرازق”.

سيريان تلغراف | عربي برس

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock