مقالات وآراء

استراتيجية الجيش السوري .. هجمات استباقية والحذر الدائم .. بقلم العميد الياس فرحات

تباهى المعلق الاميركي في صحيفة واشنطن بوست ديفيد اغناتيوس بمقاله عن اقتراب معركة دمشق الحاسمة لينتقل الى متاهة تصنيف التشكيلات العسكرية للمعارضة ويعتبر ان الحسم بات قريبا .

وعلى منواله نحا المعارضون وداعموهم واقنعوا انفسهم بانفسهم ان الحسم قريب.

بتنا اما مشهد مسرحي هزلي : المعارضة السياسية من ائتلاف وطني ومجلس وطني وحكومة مؤقتة تتكل على المعارضة العسكرية من جيش حر بالوية متعددة الاسماء والاحجام والولاءات والوظائف الى جبهة نصرة تستعجل نظام الخلافة على الارض التي تسيطر عليها لتظهر اسوأ مثال لحكم بشري في التاريخ .

SYRIA-CONFLICT

في المقابل المعارضة العسكرية تتكل على الدول الداعمة وابرزها قطر وتركيا لتقدم لها العون والمدد .

والدول الداعمة تتكل على الدول الكبرى الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا لتفرض حظرا جويا او منطقة عازلة اوتشن هجوما كبيرا على سوريا.

والدول الكبرى بدورها تتكل على المعارضة السياسية لتحريك الوضع وتنشغل في الفصل بين قوى جبهة النصرة عن قوى الجيش الحر وتعلن حرصها على عم وصول الاسلحة الى جبهة النصرة لانها قاعدة.

تماما تحاول حسب المثل القروي فصل الدبس عن الطحينة.

اكتملت الدائرة الدوامة واصيب المعارضون وداعموهم بالدوار.

في هذا الوقت شن الجيش العربي السوري هجوما استباقيا على مخططات المعارضة وداعميها فيما بد أنه انتقال لمرحلة جديدة في العمليات العسكرية . هذا الجيش الذي كان منذ بداية الازمة في وضع دفاعي استثنائي .

كان يتلقى الهجمات ويحاول احتواءها ويدرس نوايا العدو واحتمالات تحركاته .كان يقيس قدرات المعارضة واتجاهات هجومها وبنيتها التنظيمية وقدراتها الاستعلامية (مع ثبوت تلقيها معلومات استخبارية من الاقمار الاصطناعية التابعة لدول كبرى ابرزها الولايات المتحدة).

ترافق ذلك مع الاحتفاظ بعناصر القوة في الجيش التي تردع الاطلسي متحدا ومنفردا عن القيام بعملية “ليبية” ترتكز على القصف الجوي والتشويش على مراكز القيادة والسيطرة .

عناصر القوة هي الدفاع الجوي والقوة الصاروخية .و كذلك الاحتفاظ بالبنية التنظيمية واكبر مقدار جهوزية للوحدات والتشكيلات العسكرية .

كانت القيادة حريصة على عدم الزج بقوى من اجل خوض معارك خارج الاطار الاستراتيجي في المواجهة .

تطلب ذلك خسائر وتضحيات ,لكن اكثرية القوى او ما يسمى “عظيم القوى” بقي خارج الزج بالتفاصيل وخارج الزج على اتجاهات جانبية.

الارجح ان ذلك جاء بالاستفادة من الخطأ الفرنسي الشهير في الحرب العالمية الثانية عندما حشدت فرنسا عظيم قواها في منطقة فلاندرزعلى حدود بلجيكا فاندفع الالمان من الاردين وسقطت فرنسا واستسلمت باريس خلال ستة اسابيع !

اليوم اتضحت نوايا العدو وتم التعرف الى تشكيلاته وتكتيكاته وبات واضحا في السياسة والميدان ان معركة دمشق قادمة .

بدأ الهجوم الاستباقي او الهجوم المعاكس حسب النظريات العسكرية التقليدية وفق خطة يمكن ملاحظتها من خلال سير العمليات .

على جبهة دمشق حققت القوات العربية السورية ضربة كبيرة في الجنوب وتحديدا في داريا والحقت هزيمة بالقوى المعارضة .وفي الغوطة الشرقية استخدمت اسلوب التدمير والعزل والتشتيت لقوى المعارضة .

استهدف الهجوم المواقع المرشحة كي تكون قواعد انطلاق للهجوم على دمشق .

اصاب هذا الهجوم كل التحضيرات والمحضرين والحاضرين من القوى المعادية باضرار بالغة و يعتقد ان قسما كبيرا منها اصبح في حالة تعرف ب “خارج القتال”.

لم تقتصر العمليات على منطقة دمشق بل شملت ايضا ريف القصير المهم استراتيجيا في عملية تطهير المنطقة الوسطى.

ان السيطرة على تل النبي مندو المشرف على ريف القصير دفع بالقوى المعارضة الى الفرار باتجاه القصير والتحصن في داخلها وتتابع القوى عملياتها في تلك المنطقة لتحصر من تبقى من المعارضين في مدينة القصير وتحولهم الى العمل الدفاعي الثابت وتشل وتنهي كل تحركاتهم في المنطقة باكملها بانتظار السيطرة على المدينة.

في ريف ادلب هاجمت القوات العربية السورية محيط معسكرات وادي الضيف قرب معرة النعمان وفكت الحصار عن  هذه المستودعات وهي حققت انجازا كبيرا انضم الى انجاز الدفاع عنها .

حاولت القوات المعارضة المعادية الرد بالهجوم على القامشلي لكن الحسابات المحلية كانت لها بالمرصاد .

صحيح ان الجيش الحر في تلك المنطقة يتمتع بخط دعم تركي مفتوح وغير محدود لكن المدينة التي يقطنها نحو مائتي الف بالاضافة الى نازحين تصدت واعلن الجيش الحر انسحابه منها والارجح عزوفه عن خوض معركة خاسرة ومربكة في علاقاته المتأزمة اصلا مع المواطنين الاكراد السوريين.

كيف ترد المعارضة ومن وراءها ؟

لم يبق الا الجنوب وتحديدا محافظة درعا حيث نشرت وسائل الاعلام سابقا عن قيام وكالة المخابرات المركزية الاميركية بتدريب 1200 عنصرا من المعارضة السورية .

لماذا تقوم هذه الوكالة بالتدريب؟لان المهمات الموكلة الى المتدربين هي مهمات ارهابية وليست عسكرية ولهذا بدأ التسلل من الاردن الى سوريا بشكل مجموعات وليس بشكل تجميع كبير قد يتعرض لغارة من طائرات حربية تقضي عليه .

المتوقع ان تتسلل المجموعات الى قرى واهداف محددة بغية السيطرة على محور دمشق درعا وابقاء المسالك مفتوحة وامنة لقوى المعارضة من الاردن الى ريف دمشق ومحاولة احياء عملية دمشق الحاسمة التي قضي عليها.

التحرك من الاردن له عواقب ومحاذير سياسية وكيانية داخل الاردن لسنا بصدد تفصيلها ,لكنها لعبة خطرة جدا, وقد ادرك الاميركيون خطورتها بان اعلنوا انهم سوف يرسلون مائتي عنصر(من يحصي؟) لتعزيز دفاع الاردن وهو في وضع المهاجم وليس المدافع.

المرحلة المقبلة هي منطقيا استغلال النجاحات وتدعيمها بتشديد القبضة على المنطق المستعادة واستمرار ضرب القوى المعارضة المعادية وتشتيتها واشغالها بالدفاع عن نفسها كي تستبعد فكرة الهجوم من تفكيرها.

اما جبهة درعا الاردن فهي لناظرها قريبة.

العميد الياس فرحات – عربي برس

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock