عالميمحلي

خطوات جدية لإعلان دولة الخلافة في تركيا

يبدو أن نوايا أردوغان في إحياء العثمانية لم تتوقف عند حدود القصر الباذخ، بقيمة 350 مليون دولار، الذي بناه. ويبدو أنه بدأ يرى الجو ملائماً للمضي خطوات إضافية في تحقيق حلمه بأن يكون سلطاناً للعالم الإسلامي، وليس رئيس جمهورية لتركيا فقط.
الإطار النظري للمشروع بدأ يرى النور عبر صفحات جريدة “يني آكيد” الموالية لحزب العدالة والتنمية الحاكم؛ حيث كتب فيها الكاتب عبد الرحمن ديليباك، المعروف بقربه من حاشية أردوغان، عن مشروع دولة خلافة، معتبراً أن الخلافة مازالت موجودة من الناحية القانونية.
وقال ديليباك: «إن إكساب الخلافة وضعاً قانونياً يشبه مثال الفاتيكان/إيطاليا وإكسابها حكماً ذاتياً دولياً لا يضر بالهوية العلمانية لتركيا»، مضيفاً أن مشروعاً كهذا هو «هام للغاية ليس من اجل الدول والشعوب الإسلامية فحسب، بل أيضاً من أجل السلام والرفاه العالميين، ومن أجل إحياء متطلبات حقوق الإنسان والقانون في دولة عالمية قابلة للحياة»
خطوات-جدية-لإعلان-دولة-الخلافة-في-تركيا
وشرح ديليباك مفهومه لدولة الخلافة الإسلامية بالقول إن الخليفة «لا يمثل المعبود مثلما هو الحالة في البطريركية، وليس له قابلية للتمثيل الديني. الخليفة يمثل المسلمين. يستمد سلطته منهم، ويكون مسؤولاً أمامهم. ويؤمن التنسيق والتوجيه والمزامنة بينهم على أتم وجه. ويقوم بأعمال لحماية الخلق وحقوقهم من حيث أنها أمة النبي المبعوث رحمة للعالمين. ويهتم بمسائل تعليم وصحة وثقافة ومدنية وفعاليات تنمية ورفاه وسعادة وأمن وطمأنينة ومصلحة الشعوب المسلمة. كما يساهم في حل الاختلافات»
ويمضي ديليباك في شرح نمط الحكم في الخلافة، فيقول: «يمكنكم الاعتراض على الخليفة، فبالنهاية هو بشر ويمكن أن يخطئ. وخليفة سيئ سيذهب لجهنم، أما خادمه الطيب القلب فمن الممكن أن يذهب للجنة. وبالطبع فإن مقام الخليفة الجيد سيكون عالياً. ويمكن أن يجلس في ذلك المقال عمرٌ أو يزيد. لا أقول إن الخلافة تحل كل المشاكل»
وبالفعل فإن تصريحات كثيرة بدأت تخرج متواترة بكثافة متزايدة تتحدث عن إعادة استلهام الحقبة العثمانية من خلال أردوغان؛ فمن القيادي في حزب العدالة والتنمية الذي يشبهه بالسلطان عبد الحميد الثاني، إلى تصريح لأردوغان نفسه قال فيه، كاشفاً خبايا نفسه: «هل أنا باديشاه (سلطان) إن كنت باديشاهاً فأنا آمركم»
ومن اللافت أن ديليباك، الذي ينظر جدياً لنظرية إحياء الخلافة (العثمانية)، والذي يتحدث عن بشرية الخليفة، كان هو نفسه من بذل جهده لنصرة أردوغان عندما كان لا يزال رئيس وزراء، عندما تعرضت الحكومة للكشف عن أكبر فضيحة فساد في تاريخ البلاد. ولم يتحدث يومها عن بشرية الحاكم، وجواز نقده، ولا عن استمداده السلطة من المسلمين. ولكنه وقف إلى جانب السلطة، التي كانت غارقة في حفرة فساد مهينة، حيث تكشفت فضائح في تجارة وتهريب الذهب والمخدرات وتجارة السلاح وتلقي الرشاوى، وغيرها الكثير.
بالتدقيق أكثر في مقال ديليباك يمكن تلقف عبارة أن الخلافة لم تسقط قانونياً، حيث يعتبر أنها لا تزال قائمة. وهو ما يعني تلقائياً أن الخليفة لا تخطئه العين؛ إنه هو، يلقبه أنصاره بـ«زعيم العالم»، فجر «الثورة الصامتة» في تركيا، مضى «كالعاصفة» في منتدى دافوس أمام بيريز، كان ملهم “الربيع العربي”، وقف «كالسد الشامخ» أمام “انقلاب” الجنرال السيسي، ثأر لـ«دماء من قتلهم» الرئيس الأسد، حيّر ساسة الشرق والغرب، أغاظ الفرس «الحاسدين» له، إنه «وارث الدوحة المحمدية» و«حامل لواء سلاطين بني عثمان».. إنه رجب طيب أردوغان.
قد تتساءلون عن كيفية تعامل «الخليفة أردوغان» مع «الخليفة أبي بكر البغدادي»… الجواب في نص ديليباك نفسه؛ هو عبارة “الدولة العالمية”… ألم يحضر رؤساء الدول لمقابلة أردوغان؟ ألم يعقد اجتماعات ثنائية مع زعيم الكرة الأرضية باراك حسين أوباما؟ ألم تهتم وسائل الإعلام كلها بقصره؟ وبالأساس هل يملك البغدادي قصراً كهذا؟ هل لدى البغدادي طائرة رئاسية حديثة؟
يتضح إذاً أن الأفضلية هي للخليفة العالمي، وليس للخليفة المتقوقع في صحارى الرقة والموصل.
والسؤال الآخر هو كيف سيتصرف «الخليفة العالمي أردوغان» مع تمرد «الخليفة المتقوقع البغدادي»؟
هو سيتصرف تصرفاً ويا له من تصرف… ستهتز الأرض تحت الأقدام من هوله. ولكن انتظروا قليلاً، فـ«الخليفة» مشغول قليلاً بقمع تمرد بشار الأسد في ولاية سورية. وهو لهذا الغرض أحضر جنوداً يعمر الإيمان قلوبهم، رجال الله من ألمانيا وهولندا والولايات المتحدة الأمريكية، فينصبوا منصات الباتريوت المبارك. وهكذا يقيم منطقة حظر طائرات التمرد. كما بنى قاعدة رادار يغمرها الإيمان والبركة لحماية أهل الكتاب الإسرائيليين من متمردي فارس.
عندما ينتهي من قمع التمرد سترون ما هو فاعل «الخليفة»!
سيريان تلغراف
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock