عالميمحلي

تجميد الصراع .. الشعار إنقاذ حلب والمضمون تقسيم سورية !!

“مرشحة جيدة” بهذه العبارة وضع دي مستورا حلب عنواناً لشعاره الأول في مهمته كمبعوث إلى سورية “تجميد الصراع”..

دي مستورا وعقب زيارة إلى سورية ولبنان فالسعودية وطهران وبعدها روسيا، قدم قبل أيام قليلة مقترحاً أو “خطة تحرك” باللغة الدبلوماسية لحل الأزمة في سورية تقضي بـ”تجميد” القتال في بعض المناطق بهدف “السماح بنقل المساعدات والتمهيد للمفاوضات السياسية”.

وبدا خليفة الأخضر الإبراهيمي متحمساً حيال هذا الهدف تحديداً وأهداف “إنسانية” أخرى أجملها بقوله “الأمر يتعلق بتخفيف معاناة السكان بعد أكثر من ثلاث سنوات من الحرب في سورية.. تجميد النزاع في منطقة من المناطق يتيح الفرصة لتحسين الوضع الإنساني وليشعر السكان بأنه لن يحدث نزاع من هذا النوع على الأقل هناك في هذه المناطق”..

دي مستورا برّر -دون تفاصيل ذات قيمة مضافة- اختيار حلب كنموذج حي ونقطة “انطلاق” لتنفيذ هذا المقترح، باعتبارها “المدينة المقسمة منذ هجوم للمعارضة في صيف 2012 بين مناطق تسيطر عليها الجيش السوري في الغرب وأخرى تسيطر عليها المعارضة في الشرق”.

تجميد-الصراع..-الشعار-إنقاذ-حلب-والمضمون-تقسيم-سورية

مؤكداً أن “البداية المروعة لهجوم الجهاديين ينبغي أن يكون فرصة للتحرك قدماً والبحث عن وسائل لوقف الحرب التي قتل فيها حتى الآن اكثر من 180 ألف شخص وأجبرت ملايين الأشخاص على النزوح من مناطقهم” حسب تعبيره.

لكن تسويق دي مستورا لهذا المقترح أمام أعضاء مجلس الأمن الدولي، كان سبقه معلومات عن مساعي دولية أميركية-روسية لإعادة “إحياء” نسخة جديدة من صيغ مباحثات جنيف.. وهكذا، وضع دي مستورا لـمقدمات جنيف عنوان جديد هو “تجميد النزاع”..

تركيا وفرنسا كانتا أول المتحمسين لهذا الطرح.. استبدلتا “حلم” إقامة خطوط تماس بين الإرهابيين والدولة بفكرة إسقاط “النظام” التي باتت شبه مستحيلة تأسيساً على خيبة الأمل التي لحقت بمشروع “المنطقة العازلة”..

العنصر الأهم في السيناريو الجديد “تجميد مناطق النزاع” هو توقيت طرح الاقتراح من قبل دي مستورا والتأييد من جانب باريس، حيث بات الجيش العربي السوري قاب قوسين أو أدنى من إحكام الطوق على كامل مدينة حلب.

محللون كانوا ربطوا بين هذا الطرح والمشروع السابق الأميركي-التركي القائم على فصل حلب عن الدولة السورية وتحويلها إلى مقر لحكومة انتقالية من المعارضة والاعتراف بها ليصبح لدينا في سورية دولتان وحكومتان.

صحيفة السفير نقلت عن مصادر سورية مطلعة وصفها اقتراح دي مستورا “تجميد النزاع” بأنه “غير عملي”، مشيرة إلى أن منطلق أي عملية تسوية يجب أن يكون الاتفاق على اعتبار “مكافحة الإرهاب أولوية”. أما إيران فحذرت من انحراف المبعوث دي مستورا عن مهمته.. في وقت، عاد وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس وكرر -رغم رفض دمشق وتحذير إيران – شعار “إنقاذ حلب”..

المحلل السياسي حميدي العبد الله اعتبر أن دعوة دي مستورا إلى “إقامة مناطق تجميد النزاع” يتزامن مع الأنباء الواردة من الميدان في حلب، حيث يتقدم الجيش العربي السوري في طريقه إلى إحكام السيطرة على المدينة، بينما تنشغل فصائل المجموعات الإرهابية ما يسمى “الجيش الحر” و”جبهة النصرة” باشتباكات على النفوذ..

ورأى المحلل السياسي في اتصال مع “بلدنا أونلاين” أن ثمة هدفان أساسيان لتوقيت هذا الطرح والتركيز على حلب، الأول قطع الطريق على إمكانية تقدم الجيش في حلب وتحريرها بالكامل في الوقت الذي يتعرض فيه “داعش” لغارات من التحالف في محيط مدينة حلب، وبالتالي هم معنيون بإحباط أي سيطرة للجيش على حلب وليس أنسب من “تجميد النزاع” حسب اعتقادهم للإبقاء على المجموعات الإرهابية متمركزة في قواعدها في حلب والتي ستطرد منها –هذا إن لم يقضى عليها- في حال استمر تقدم الجيش السوري.

أما الهدف الثاني فيتمثل بأن لدى “تحالف واشنطن” وتركيا وأنقرة ودي مستورا وكل من يدعم اقتراحه لديهم جميعاً قناعة بأن ما يسمى “الجيش الحر” ليس له وجود حقيقي على الأرض ولايمتلك قدرات تؤهله بشرياً وعسكرياً ومعنوياً أيضاً لاستثمار الغارات التي يشنها “التحالف” على “داعش”، وبالتالي فإن ضعف “الجيش الحر” وتوجيه ضربات لـ”داعش” سوف يصب حسب اعتقادهم في مصلحة الدولة السورية والجيش السوري في حربه على الإرهاب واستعادة المناطق السورية من أيدي المسلحين وهذا ما سيحاولون إعاقته.

باختصار، يقول العبد الله: “واشنطن وحلفاؤها غير قادرين على إيقاف الحرب ضد “داعش” أو توسيع الضربات ضده على التعاون معه أو المراهنة على ميليشيا “الجيش الحر” أو ما يسمونه “المعارضة المعتدلة” لذا يَحضر الآن مشروع “تجميد النزاع” في حلب كعنوان لـ”مباحثات جنيف” التي سربوا عبر إعلامهم معلومات عن إعادة إحياءها في القريب العاجل..

المحلل السياسي لم يفاجأ بأن يعمل دي مستورا في أولى خطوات مهمته كمبعوث إلى سورية على تقديم مثل هذا المقترح ” دي مستورا وسابقيه الإبراهيمي وعنان وأي مبعوث لاحق سيحاولون جميعاً الانطلاق من حسابات ومقاربات جديدة حيث فشل الآخرون لكن لن يكون في تلك الانطلاقات أي حياد او موضوعية أو توازن أو على الأقل لن تكون في صالح الدولة السورية” ويدلل العبد الله على رأيه هذا بأن “موظفي الأمم المتحدة منذ التسعينات هم معينون من قبل الولايات المتحدة ويخدمون سياستها وهذا لايغير في مضامين خطط المبعوثين إلى سورية شيئاً إلا –لنقل- أن تصبح أكثر واقعية”..

سيريان تلغراف

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock