تلغراف

عقب تفجير مبنى الأمن القومي .. وداعاً للحلول الناعمة !

دوّت صفارة الإنذار في أروقة الدبلوماسية: الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يصدر قراراً بإيقاف البحث في أي تسوية في ما يخصّ الأزمة السورية. منذ اللحظات الأولى التي أعقبت تفجير مبنى الأمن القومي في دمشق والذي أدّى إلى استشهاد رموز أمنية في النظام، تبددت احتمالات المضي في أي حل سياسي (أقلّه خلال المرحلة الحالية)، إما على مستوى النظام أو على مستوى الحلفاء الذين أدركوا أن الأمور تتجه نحو تحقيق الحسم السريع وتسجيل أكبر عدد من النقاط التي قد ترهق النظام فإما يسقط وإما يسارع للقبول بأي حلّ يحفظ ماء وجهه. لكن ما حدث عقب التفجير لم يكن متوقعاً بالنسبة لمن يقفون خلفه، خصوصاً أن الإعتداء حمل بصمات استخبارات خارجية: النظام يتلقف الصدمة ويسارع إلى ملئ الفراغ ويعلن المضي في مرحلة بداية النهاية، نهاية الإرهاب المسلح.

في المقلب الآخر، تبدو الدول الغربية وبشكل خاص الولايات المتحدة الأميركية من أكثر المعوّلين على قوة المعارضة المسلّحة وإمكانية استثمار ما تحققه على الأرض من ضربات قاسية للنظام، وهذا ما يعكسه امتناع هذه الدول حتى الآن عن دعم أيّ حل سياسي والإستمرار بدعم المعارضة بالسلاح والعتاد. لذا فمن المؤكد أن سورية دخلت عقب تفجير مبنى الأمن القومي مرحلة جديدة قوامها الميدان الذي سيحدد من يفوز فيه معالم المرحلة المقبلة.

سورية دخلت مرحلة “كسر عظم”.. ما جرى يؤكد أن المعارضة لا تمتلك أي أفق سياسي

يرى الباحث الإستراتيجي د. سليم حربة أنه “بعد هذا التفجير الذي استهدف مبنى الأمن القومي، فإنه تبين أن هذه المعارضة التي تستخدم الإرهاب وسيلة لتحقيق أهدافها لا تمتلك أي أفق سياسي قد يؤدي إلى حلّ. لذا فقد بات من المستبعد محاورة هذه المعارضة، بل إن السلطة وُضعت أمام مسؤولية تقويض هذا الإرهاب والقضاء عليه وليس محاورته وتقديم تنازلات له”.

وفي تفسير لمعالم المرحلة الحالية، أي مرحلة ما بعد تفجير مبنى الأمن القومي، يوضح حربة “أننا الآن أمام مشروع كسر عظم وكسر إرادات، لأن نوايا أعداء سورية حتى هذه اللحظة ترفض الحلّ السياسي ولا تريد الخيار الديمقراطي. عندما تشعر الولايات المتحدة الأميركية ويشعر كل من يراهن على هذا الإرهاب في الداخل السوري أن اسستثماره لتحقيق غايات معينة كإسقاط النظام بات وهماً وعدم التيقن بأن هذا الإرهاب قد يحقق المشروع المرسوم ضد سورية، عندها تصبح الأرضية جاهزة وتتوفر شروط قيام حوار وطني”.

وفي اتصال مع موقع المنار الإلكتروني، يتابع حربة أنه “بالرغم من ذلك فمهما توفرت الشروط، فمن المستبعد أن تتخذ واشنطن تدبيراً واحداً لخلق شروط ملائمة للعملية السياسية إلا إذا فرض عليها ذلك، بمعنى أن السلطة الآن تعمل على منع المجموعات المسلحة من تسجيل نقاط إضافية قد يراهن الغرب عليها. خارجياً، وبموازاة الحسم الميداني فإن روسيا والصين وايران ستقوم بالضغط بشدة على الولايات المتحدة وأطراف عربية وأوروبية للتوقف عن دعم الإرهاب وتبني تسوية سياسية مشرّفة للأزمة”.

سورية سترد في المكان والزمان المناسبين على كل طرف خارجي يثبت تورطه في التفجير

أما بالنسبة لردة الفعل السورية على ما جرى من استهداف قيادات أساسية كالعماد آصف شوكت، يقول حربة إن “القيادة السورية تتعامل منذ بداية الأزمة انطلاقاً من منطق العقل والحكمة والفعل السياسي المتزامن مع الفعل الميداني. لذا فإنه عقب هذا التفجير فإن سورية ستقوم بالعمل على خلق شروط ملائمة للعملية السياسية والحوار الوطني، وهذا لن يتحقق إلا عقب تكثيف العمليات الميدانية ضد الإرهاب إضافة إلى العمل بشكل كبير على تقويض عمليات تهريب السلاح إلى سورية. أما بالنسبة للتدابير الخارجية، فإن لدى السلطات السورية بحكم تجربتها وتحالفاتها على الرد في الزمان والمكان المناسب على كل من يثبت تورطه في تفجير مبنى الأمن القومي وهذا ما أشار إليه وزير الإعلام السوري بأن كل من تدخل أمنياً وسياسياً ضد سورية سيتمّ الرد عليه”.

شروط النظام ستكون مختلفة في أي عملية سياسية مقبلة

يعتبر الباحث الإستراتيجي أنه ما  كان معروضاً من قبل النظام على المعارضة سابقاً لن يكون معروضاً الآن، وما هو معروض الآن لن يكون معروضاً غداً. ويوضح حربة ذلك قائلاً إن “سورية حتى اللحظة قوية ومتماسكة والمبادرة بيدها، وبعد ما جرى مؤخراً والذي يدل على إطلاق العنان للإرهاب سيكون هناك تغيير على مستوى أي حوار مستقبلي أو على شروط العملية السياسية، والذي يتمظهر بمنع الحوار مع كل جماعات الإرهاب في الداخل ومن يقف مع هذا الإرهاب في الخارج. أما كل من هو دون هذا الإرهاب ولا يتقاطع مع هذا الإرهاب فهو مرحب به في أي حوار مقبل.

ويضيف حربة أنه “وبعد ما حدث هناك شروط مسستجدة لحلفاء سورية تتمثل بمنع قبول الشروط التي يمكن أن تفرضها الدول الأخرى على المعارضة المسلحة في الداخل أو على معارضة الخارج، بمعنى أنه كان متاحاً لهذه الجماعات ولهذه الأطراف المشاركة في حوار لبدء حقبة جديدة، لكن الآن لا عودة للوارء، بحيث أنه ليس مقبولاً من السلطة الحوار مع هذه الأطراف”.

المؤسسة العسكرية السورية ليست مؤسسة أفراد: ما حدث لن يسقطها

وفي ما يخصّ استخدام الغرب لنظرية إسقاط النظام بقتل رموزه، يؤكد حربة أن “مبدأ إسقاط النظام السوري بقتل رموزه هو مبدأ خاطئ. الولايات المتحدة تبذل المستحيل لإسقاط النظام، وهناك منظومة حرب جديدة تعتمدها واشنطن وقد شكلت وكالة خاصة لإدارة هذا الشكل من العمليات العسكرية ويأتي في مقدمة أهدافها الهجوم على القيادة السياسية والأمنية التي تريد واشنطن استهدافها، لإسقاط الأنظمة. هذا ما يحدث في سورية، بحيث يتمّ الإعتماد على العملاء لتنفيذ ذلك. بالرغم من أن استشهاد هؤلاء القادة يشكّل خسارة للمؤسسة العسكرية السورية إلا أن هذه المؤسسة متماسكة وهي ليست مؤسسة أفراد. الجيش السوري هو جيش نوعي والمؤسسة العسكرية السورية هي مؤسسة القادة وقد خرّجت ولا زالت العديد من القادة. لذا فإن هذه المؤسسة لن تفقد معنوياتها كما أريد لها بل ستكون ردة الفعل عكسية بحيث أن ما حدث سيدفع الجيش باتجاه الحسم السريع”.

سيريان تلغراف

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

  1. المعارضة والجيشس الحر لسا رح يندعسو دعس ولسا الخير لقدام هاد الي كان لازم يصير من زماااااان دعس عرقابون وبس

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock