مقالات وآراء

عناصر “القاعدة” من سجون العراق الى صفوف الجيش السوري الحر

منذ أشهر اندلعت في العراق حرب بالإنابة عن سورية، تدور رحاها بين طرفين الأول يمثل تيارات سياسية ومجتمعية مؤيدة للإحتجاجات الشعبية التي انطلقت في عدد من المدن السورية قبل عام تقريبا، بينما المعسكر الآخر تمثله أحزاب السلطة وتحديداً ائتلاف الإسلام السياسي الحاكم والداعمة لدمشق وللسلطات السورية.

كما إن الولاءات الخارجية لجميع كتل السلطة في العراق تدفعها لتبني هكذا نوع من المواقف المتعارضة حيال الشأن الخارجي، وهو امر يثير الاستغراب والريبة لدى أوساط المراقبين والجمهور الذي يتهم قياداته المحلية في الارتباط بـ”أجندات خارجية مشبوهة”.

“حرب الإنابة” تجلت من خلال، ردود الأطراف المناصرة للحراك الاجتماعي الذي تحول الى نشاط مسلح في مدن سورية، على الإعلانات المتكررة لسلطات بلادها التي تكشف فيه عن عمليات تهريب أسلحة واجتياز مسلحين محليين وعرب لحدودها باتجاه سورية، بإدعاءات مماثلة عن دخول مسلحين إيرانيين إلى أراضي بلادهم أو منها إلى سورية.

هذه الادعاءات “المغرضة” التي تبثها القوى المعارضة لتوجهات حكومة بغداد بشأن الملف السوري، نفتها السلطات الحكومية نفيا قاطعا، مؤكدة إن مزاعم الأطراف المحلية “خاطئة، فالقوافل التي دخلت البلاد عبر الحدود السورية قبل أيام كانت تقل حجاج إيرانيين قدموا لزيارة المراقد المقدسة في النجف وسامراء”.

ورغم تشديد العراق لإجراءاته الأمنية على الحدود مع سورية منذ انطلاق الاحتجاجات الشعبية هناك قبل عام تقريبا، إلا أن عمليات تهريب مسلحين وأسلحة تشمل أنواع وأصناف مختلفة وصواريخ قاذفة، باتجاه سورية مستمرة على قدم وساق.

وطبقا لمسؤلين أمنيين عراقيين فان جزء كبير من عمليات التهريب يفلت من قبضة قوات الحدود ويصل المهربون لمبتغاهم، بينما بعضها الأخر الذي يشكل الجزء البسيط مما يهرب يتم إحباطه، ومن ثم يعلن عنه رسميا.

من جهته يعزو مصدر عراقي تابع لجهاز أمني حساس، نجاح المهربين في نشاطهم لكونهم يمتلكون أسلحة خفيفة ومتوسطة ونواظير ليلية، إضافة الى “كشافة” من أبناء المناطق الحدودية الذين يعرفون الطريق جيدا.

المصدر، أكد إن معلومات استخبارية وصلت الى الأجهزة الأمنية تفيد ان بعض عناصر وقيادات تنظيم “القاعدة في بلاد الرافدين” الذين هربوا من السجون الحكومية مؤخرا، تم نقلهم الى سورية بهدف المشاركة في القتال الدائر هناك بين القوات النظامية وعناصر ما يسمى بـ”الجيش السوري الحر”.

مؤخرا، أعلنت وزارة الداخلية العراقية إن قوات حرس الحدود تمكنت من القبض على عدد من المتهمين الذين حاولوا التسلل عبر الحدود. وأوضح بيان صادر عن الوزارة، إن تلك القوات “ألقت القبض على ( 35) متهماً عراقياً لمحاولتهم اجتياز الحدود بشكل غير رسمي، كما اعتقلت خمسة آخرين يحملان الجنسية السورية لنفس السبب”، مؤكداً انه تم ضبط أسلحة مهربة خفيفة ومتوسطة، فضلا عن أجهزة موبايل وشرائح هاتف سورية ولبنانية وسعودية.

هذا الإعلان الرسمي الذي لم يحدد فيه المكان الجغرافي للعمليات الأمنية، أكده ضابط برتبة نقيب يعمل في قيادة قوات الحدود قاطع محافظة الانبار غرب البلاد، عندما كشف عن إلقاء القبض على “عشرات المتسللين والمهربين والمشتبه بهم أغلبهم يحملون الجنسية العراقية، فضلا عن عدد قليل جدا ممن يحملون الجنسية السورية”.

كما أكد رئيس لجنة الأمن والدفاع في مجلس محافظة نينوى الحدودية مع سورية عبد الرحيم الشمري إن “المعلومات الدقيقة التي نمتلكها تثبت وجود عمليات تهريب أسلحة متنوعة، وهو ما أدى الى ارتفاع سعر قطعة السلاح عشرة أضعاف مقارنة مع ما كان عليه الحال قبل تهريبه الى سورية”.

وأضاف أن “هناك عمليات تهريب السلاح من العراق باتجاه الأراضي السورية”. واتهم الشمري “حزب الديمقراطي الكردستاني – بزعامة رئيس إقليم كردستان مسعود بارزاني – بالتهاون في منع عمليات التهريب من خلال السيطرة على الملف العسكري في منطقة سنجار الحدودية التي يتمركز فيها لواء عسكري كامل تابع للفرقة الثالثة في الجيش العراقي”.

وتابع: “لدينا توجيه بان تتم السيطرة على عمليات التهريب بقبضة من حديدي، لكن قوات الحدود قليلة جدا واللواء الحادي عشر متمركز في منطقة سنجار المتنازع عليها بين العرب والأكراد، دون ان يُسمح له بتأمين الحدود كون قائده من القومية الكردية ولا يحرك القطعات خارج حدود سنجار”، مؤكدا ان العملية لا تخلو من دافع سياسي، دون ان يوضح تفاصيل هذا الدافع.

ما كشفه المسؤول المحلي، يؤكد أن الخندق الحدودي الذي يبلغ طوله 149 كم وعرضه اثنين ونصف المتر وبعمق ثلاثة أمتار، وحفرته السلطات في المناطق الوعرة على الحدود مع سورية، قبل ثلاث سنوات، لم يمنع الهجرة المعاكسة للمسلحين وتنقلهم بين البلدين.

كما لم يحد من عمليات التهريب التي تحول جزئها الأكبر من السلع والسكائر والأغنام الى الأسلحة والمعدات العسكرية. وأكد الشمري انه “لغاية الان لم تُصادر قوات الحدود شحنات سلاح مهربة وإنما تم إلقاء القبض على مسلحين وأشخاص من جنسيات سورية وسعودية كان بحوزة عدد منهم لحظة اعتقالهم مبالغ مالية كبيرة كانوا يرمون بواسطتها شراء أسلحة وتهريبها الى سورية”، وهو خلافا لما أعلنته وزارة الداخلية قبل أيام فيما يخص ضبط أسلحة مهربة.

كما ينتشر 200 مخفر أمني على الشريط الحدودي بين العراق وسورية لحماية ومراقبة الحدود المشتركة بين البلدين التي تمتد لمسافة 600 كم، 230 كم منها تمثل حدود محافظة الانبار مع سورية، و270 كم المتبقية تمثل حدود محافظة نينوى مع الجارة العربية.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock