مقالات وآراء

اسلحة سورية الكيماوية .. والحرب المقبلة .. بقلم علي مطر

يبدو أن حرباً عاليمةً بدأت تلوح في الأفق، مذ بدأنا نسمع عن خطر إستخدام سورية للأسلحة الكيماوية. وبدأت معالم التحضير لحرب خارجية على دمشق تتضح، منذ أكثر من ثلاثين يوماً. لم تنفك أميركا وحلفائها العرب والغربيين عن الحديث، عن إستخدام نظام الرئيس بشار الأسد لهذه الأسلحة ضد المعارضة المسلحة. لم ينفع كل النفي السوري مع هؤلاء، ولا التأكيدات الروسية بأن سورية لن تستخدم الكيماوي. فالتهديدات الخارجية لسورية لا تتزال تتفاقم، حتى وصل الأمر إلى إعلان منظمة حظر استخدام الأسلحة الكيماوية “الاستعداد للإنتشار على حدود الدول المجاورة لسورية لحمايتها من هذه الأسلحة في حال إستخدامها”.

تعتبر الأسلحة الكيماوية بشكل عام من أسلحة الدمار الشامل التي تشمل قائمتها كلاً من الأسلحة البيولوجية والنووية, إلا أن بعض الخبراء العسكريين يعتقد أن الأسلحة الكيماوية وبالرغم من خطورتها لا ينبغي أن تصنف ضمن قائمة أسلحة الدمار الشامل. وتمتلك “إسرائيل” ترسانة كبيرة من هذه الأسلحة، ولم نسمع يوماً أي تصريح أميركي يحذر الكيان الغاصب من إستخدامها ضد العرب. ففي كل حرب صهيونية على لبنان وقطاع غزة، يتم إستخدام أسلحة الدمار الشامل، التي تكون عادةً مجهزة بمواد بيولوجية وكيماوية سامة.

واليوم، نرى أن الحجة الأميركية ذاتها إبان الحرب على العراق، تستخدم ضد سورية. ولم يبق غير ذهاب الولايات المتحدة الأميركية إلى مجلس الأمن لطلب التدخل في سورية، على غرار ما فعلته مع العراق. وقد رأينا كيف أدارت أميركا حربها في بلاد الرافدين، وكيف إستخدمت الاسلحة الفتاكة التي دمرت الحجر وقتلت البشر بمئات الالاف، دون أي رادع، ودون أي عقاب ولا حتى استنكار من قبل المجتمع الدولي، علماً أن أطفال العراق لا يزالون حتى اليوم يعانون من أمراض سرطانية فتاكة بسبب أسلحة أميركا البريئة.

وتستخدم الأسلحة الكيماوية من أجل التأثير على قوى الخصم البشرية، وإعاقته ومنعه من الإفادة من مناطق ومواقع هامة، وعرقلة تقدمه. وتستخدم أيضاً من أجل ضرب أهداف في عمق الجبهة المعادية، وللتأثير النفسي وإضعاف الروح المعنوية في صفوف قوات الخصم. ومن هنا يمكن طرح سؤال جوهري، وبما أن الجماعات التي تقاتل في سورية، هي جماعات إرهابية على رأسها جبهة النصرة، وهي تقتل المدنيين الابرياء وتدمر الدولة السورية، فلماذا لا يمكن إستخدام هذا السلاح من قبل الجيش السوري؟
من المستحيل، أن تستخدم القوات السورية هذه الاسلحة ضد الإرهابيين، مع أن هذه الاسلحة تتميز بالتأثير غالبا على الكائنات الحية فقط (ماعدا الأسلحة النووية التي يكون تدميرها شاملا ومتعديا حدود المكان الجغرافية، للأسباب التالية:
1ـ يتخذ الإرهابيون من أهالي سورية دروعاً بشرية، ويختبئون داخل الاحياء السكنية الموالية للنظام، ويمنعون المدنيين من المغادرة. لذلك فمن الطبيعي أن لا يستخدم النظام هذه الأسلحة ضد أهله ومؤيديه، فهو لا يريد مجازر بل يريد حماية اهل سورية، التي تعهد الرئيس الاسد بحمايتهم ولو أدى ذلك إلى مقتله في أية حرب لأنه أبن سورية المقدام.

2ـ لقد وقعت سورية على إتفاقية حماية الاسلحة الكيماوية، ووقعت على إتفاقية حظر إستخدام هذه الأسلحة، مع أنها لم تصادق عليها لأن العدو الصهيوني لم يصادق عليها. فتعتبر كل من دمشق والقاهرة توقيع اسرائيل على اتفاقية حظر انتشار الأسلحة النووية شرطاً مسبقاً لتوقيعهما على اتفاقية منظمة حظر الاسلحة الكيماوية.. وسورية معروفة بأنها ملتزمة بالقانون الدولي، وتطبقه تطبيقاً صحيحاً على الرغم من كل الحملات التي تشن عليها.

3ـ من المؤكد، أن الجيش السوري قادر على سحق الإرهابيين، دون إستخدام هذه الأسلحة، لذلك لن يكلف نفسه هذا العناء لأن إستخدام هذه الاسلحة ليست بسيطة بل معقدة. كما أنه يجب الحفاظ على هذه الاسلحة لإستخدامها ضد أي تهديد غربي قد يتم فيه استخدام اسلحة فتاكة ضد سورية.

4ـ لقد أكدت الدولة السورية بأنها لن تستخدم هذه الاسلحة. وتعهدت لروسيا بذلك. وهي تعلم انه ليس من مصلحتها إستخدام هذه الاسلحة، لكي لا تعطي ذريعة للغرب للتدخل عسكرياً ضدها.

اسلحة سورية الكيماوية.. والحرب المقبلة

نعم، تشير التقارير إلى أن سورية، تملك برنامجاً متقدماً لتصنيع الأسلحة الكيماوية وبأنها تمكنت من بناء ترسانة كبيرة من قذائف المدفعية والهاون ورؤوس حربية لصواريخ سكود وفروغ محملة بغازات سامة مثل سارين وتابون(49). وتفيد بعض التقارير من الاستخبارات الغربية بأن سوريا قد تكون قد تمكنت من انتاج غاز في اكس (VX)، وهي لا تخفي ذلك، وليس الرئيس بشار الأسد صدام حسين للتهرب من المسؤولية، والإفتخار بامتلاك اسلحة متطورة والسعي الى امتلاكها. فهذا من حق سورية للدفاع عن نفسها في أية حرب تشن عليها، ولأن سورية تأتي في مقدمة الدول المعادية للعدو الصهيوني، الذي يملك كل أنواع الاسلحة حتى النووية، والذي يتربص ببلادنا شراً.

ويبدو واضحاً أن أميركا تعمل دائماً بمعايير مزدوجة، حيث أننا لم نسمعها تهدد المسلحين من إستخدام الاسلحة الكيماوية، مع أن مقاتلو جبهة النصرة سيطروا على قاعدة الشيخ سليمان في ريف حلب الغربي التي ومنعوا أيا كان من دخولها. ويثير هذا الحصار المضروب على القاعدة مخاوف من احتمال وجود أسلحة كيماوية، قد تستخدمها جبهة النصرة ضد اهالي سورية. فلماذا لا تهدد أميركا هذا الركن الاساسي من تنظيم القاعدة، باستهدافه فيما لو استخدم اسلحة كيماوية، وهناك تقارير دقيقة لدى الأميركيين ان القاعدة تصنع أسلحة جرثومية، فلماذا لا تدينهم أميركا؟ لماذا لا تستنكر أعمال “الجيش السوري الحر”؟ وأين موقفها فيما لو عمل “الجيش الحر” على السيطرة على هذه الاسلحة واستخدمها ضد الجيش السوري النظامي؟ أسئلة في رسم أميركا والمجتمع الدولي، ولكن لن يكون هناك أجوبة عليها، لأن أميركا تعيش في عالم اخر ليس عالمنا.

علي مطر | الخبر برس

(المقالة تعبر عن راي الكاتب، وهيئة التحرير غير مسؤولة عن فحواها)

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock