مقالات وآراء

عندما تصبح الخيانة وجهة نظر …!! .. بقلم خالد صادق عبد العزيز

الصراعات بين المجتمعات وبين الأمم هى جزء من الحياة الإنسانية علي وجه الأرض , وتظهر هذه الصراعات عندما تتعارض الأهداف والتوجهات فى نظر الطرفين المتصارعين  والتى تمثل لديهم مصالح لا يمكن أن تتحقق لكلا الطرفين فى الوقت نفسه… ففى الوقت الذى ينظر فيه العرب لإسرائيل على أنها دولة احتلال مستبدة ظالمة…كذلك يرى اليهود فى إسرائيل الفلسطينيين على أنهم مجموعات إرهابية خطيرة لا يمكن الوثوق بهم.. ونتيجة ذلك تقوم المجموعتان بعزل بعضهما البعض.

فى أعقاب الحرب العالمية  الثانية، وبدعم من دول إستعمارية كبري، ظهر الكيان الصهيوني في المنطقة العربية، وفى عام 1948 أعلن رسميا عن قيام دولة إسرائيل العبرية، وبدأت الحكومة الاسرائيلية في هذا الوقت  بتنفيذ  عملية التهويد بأشكال متعددة، بدأت بتهجير الشعب الفلسطينى، وهدم أكثر من 530 بلدة فلسطينية، ومصادرة الكثير من الأراضى العربية، وإقامة حوالى 700 مستوطنة يهودية  فى وقت قياسى لإستيعاب اليهود المهاجرين.

واعتمدت الحركة الصهيونية على ركيزتين أساسيتين، لفرض صورة ديموغرافية تجعل من اليهود أكثرية، على حساب العرب الفلسطينيين وأرضهم. تمثلت الركيزة الأولى بارتكاب المجازر لطرد غالبية الفلسطينيين من أرضهم. واستطاعت العصابات الصهيونية ارتكاب 44 مجزرة في عام 1948 بدعم بريطاني مطلق، مما أدى إلى طرد 850 ألف فلسطيني من أرضهم .

أما الركيزة الثانية فتجلت في القيام بعملية إحلال للمهاجرين اليهود في المناطق الفلسطينية المحتلة، وفي هذا السياق استطاعت الحركة الصهيونية جذب 650 ألف يهودي من مختلف أنحاء العالم، ليصبحوا المادة البشرية الاساسية لقيام دولة إسرائيل، بعد القيام بعملية تطهير عرقي ممنهجه ومدروسة بشكل محكم.

 وحسب بيانات المركزى الإسرائيلى للإحصاء لعام 2013 كان العدد الرسمى للسكان فى إسرائيل حوالى8,132,000 مليون منهم 6,102 مليون من اليهود والذين يشكلون نحو 75 بالمائة من السكان، و 1,682 مليون من العرب المسلمين والمسيحيين والدروز والذين يشكلون 20,6% من سكان اسرائيل

ويشكل العرب فى إسرائيل ثلاثة مجموعات أساسية، المجموعة الأولى هم الفلسطينيون الذين لم يغادروا أراضيهم من عام 48 ، وأصبحوا بذلك مواطنين فى الدولة الإسرائيلية منذ بداية تأسيسها،  والمجموعة الثانية من عرب إسرائيل، هم سكان مدينة القدس ، وتم ضمهم للدولة العبرية بعد نكسة 67 ، ومنحتهم إسرائيل الإقامة الدائمة ، ولكن بدون إعطائهم الجنسية الإسرائيلية . أما المجموعة الثالثة وهم سكان الجولان وهم مجموعة صغيرة من السكان السوريين ، لم يتركوا الجولان بعد إحتلالها ، وعرضت إسرائيل الجنسية عليهم وكل حقوق المواطنة مقابل أن يكونوا كدروز فلسطين وأن يكون ولائهم للدولة اليهودية، ولكنهم رفضوا وتمسكوا بهويتهم السورية العربية إلى الأبد.

وهناك تناقد وأضح فى طبيعة العلاقات الحياتية للعرب داخل إسرائيل: نجد أن المواطنين العرب فى إسرائيل غير مندمجين بوجه عام مع المجتمع اليهودى، ويقيمون فى قرى وبلدات تجمعهم ، ويديرون من خلالها شئونهم الداخلية وكذلك مدارسهم الخاصة ، والتى تعتبر فيها اللغة العربية هى اللغة الرسمية لهم، ويسيطر العرب فى إسرائيل على المحاكم الشرعية التى تختص فى قضايا الزواج والطلاق بين فئات المجتمع العربي .. وعلى الرغم من ذلك تأثر عدد كبير من المواطنين العرب بالثقافة الإسرائيلية إلى حد كبير مما جعلهم يندمجون مع بعض المظاهر الإسرائيلية فى حياتهم الخاصة، فقد تعلم المواطنون العرب اللغة العبرية وأتقنوها بطلاقة، كذلك يشاهدون برامج التليفزيون الإسرائيلى ويطالعون الصحف الاسرائيلية… ومن جانب آخر تكتتب الشركات العربية وتنشط فى مجال البورصة بشكل واضح ,  كذلك يتكيف فئة من الشباب العربى مع الكثير من الممارسات والثقافات الإسرائيلية الشاذة عن المجتماعات العربية.

ويقيم حوالى نصف السكان العرب فى إسرائيل فى المنطقة الغربية فى شمالى البلاد، ويسكن غالبية السكان العرب فى تجمعات سكنية على جميع أنحاء إسرائيل ، بينما يسكن حوالى 24% من العرب فى حوالي ستة مدن متعددة الأجناس منها القدس وتل أبيب ، يافا ، حيفا، عكا ، الناصرة ، ويشكل العرب نسبة مرتفعة فى مدينة القدس تصل إلى 32% ، وتعتبر حيفا ثالث أكبر مدينة فى إسرائيل ، ويندمج فيها العرب مع اليهود فى تعايش سلمى حيث يوجد أسواق ومطاعم تضم العرب واليهود معا،  كذلك يوجد مجمعات سكنية فى وسط المدينة يعيش فيها العرب مع اليهود فى بيئة تكاد تكون واحدة.

العرب داخل المنظومة السياسية فى إسرائيل: يشارك العرب فى معظم دورات الكنيست الإسرائيلى منذ قيام دولة إسرائيل، وفى الوقت الحاضر يحصل العرب على حوالى 14 مقعدا من مقاعد الكنيست، من خلال ألاحزاب العربية داخل المنظومة السياسية في إسرائيل متمثلة في حزب الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة (حداش): وحداش حزب يسارى سياسى و يناهض الحركة الصهيونية.

 ويعرف حزب حداش نفسه على أنه حزب يهودى عربى. وتتمحور الأهداف الرئيسية لهذا الحزب على الإنسحاب الإسرائيلى إلى حدود ما قبل 1967، وحق المساواة للمواطنين العرب مع اليهود، وحق عودة الفلسطينيين إلى الأراضى الإسرائيلية، وتشجيع إسرائيل على الإنضمام لمعاهدة الحد من الإنتشار النووى، ويضم الكنيست من حزب حداش أربعة نواب.

حزب التجمع الوطنى الديمقراطى : وتأسس هذا الحزب عام 1996 ومن أهم اهداف الحزب أن إسرائيل لا ينبغى أن تكون دولة يهودية بل دولة علمانية ديمقراطية ، و يدعم الحزب إنسحاب إسرائيل من باقى الاراضى الفلسطينية ، ويرى أن الحل فى إقامة دولتين، دولة فلسطينية مستقلة على طول الحدود مع إسرائيل. كما يطالب حزب التجمع الوطنى الديمقراطى اسرائيل، منح العرب حكما ذاتيا، ويضم الكنيست من حزب التجمع ثلاثة أعضاء.

حزب القائمة العربية الموحدة – أو الحركة العربية للتجديد: ويؤيد حزب القامة العربية الموحد وضع حد للإحتلال الإسرائيلى للمناطق الفلسطينية ، وتدعيم إقامة دولة فلسطينية مستقلة وعاصمتها القدس الشرقية ، كما يدعو حزب القائمة الموحدة إلى تفكيك كافة المستوطنات الإسرائيلية ، ويدعم الحزب فصل الدين عن الدولة والتخلص من السلاح النووى ، ويدعو الحزب إلى الإعتراف بالعرب الإسرائيليين كأقلية قومية ، ويطالب  بزيادة الميزانية المخصصة للأماكن المقدسة بالمسلمين والمسيحيين ويضم الكنيست الإسرائيلى من حزب القائمة العربية الموحدة أربعة اعضاء.

كما يضم بعض الأحزاب الإسرائيلية مثل حزب العمل، كديما، الليكود ، وإسرائيل بيتنا، نواب عرب فى الكنيست الإسرائيلى، ويشغل بعض القيادات العربية داخل المنظومة الإسرائيلية، مناصب رئيسية ودبلوماسية مثال السفير على يحى سفير إسرائيل فى اليونان، إسماعيل الخالدى نائب القنصل العام الإسرائيلى فى سان فرانسيسكو ، رضا منصور القنصل الإسرائيلى العام فى جنوب شرق الولايات المتحدة، كذلك سليم جبران عين عام 2004 بمحكمة العدل العليا، مجلى وهبى نائب وزير الخارجية الأسبق ، كذلك اوسكار أبو رزق المدير العام لوزارة الداخلية عام 2005. وعين راغب مجادلة وهو عضو حزب العمل الإسرائيلى واصبح اول عضو مسلم فى المجلس الوزارى المصغر يناير 2007 . كذلك انتخب محمد أبو دوف فى فبراير 2008 ليشغل منصب رئيس المجلس الإقليمى فى مسغاف وهو أول منصب يشغله عربى مسلم فى منطقة الجليل شمال إسرائيل.

أما الدرو فهم جماعات يقطنون عدة دول فى المناطق الجبلية فى كل من إسرائيل ولبنان وسوريا، ويعيش معظمهم فى الشمال، ومنذ تأسيس دولة إسرائيل ، تضامنت مجموعات كبيرة من الدروز مع الحركة الصهيونية، وتعترف إسرائيل رسميا بالطائفة الدرزية، ككيان ديني منفرد، له محاكمه الخاصة وزعامته الروحية، علما بأن ثقافة الدروز ثقافة عربية ولغتهم اللغة العربية، ولكنهم اندمجوا بشكل رسمى مع الدولة اليهودية، وللطائفة الدرزية في إسرائيل مركز متميز بين الأقليات ، حيث يشغل أبناؤها مناصب هامة في مجال السياسة والحياة العامة والجيش.ومنذ قيام الدولة اليهودية وهم يخدمون في الجيش الإسرائيلي وقوات حرس الحدود، وكانت خدمتهم تعتمد على التطوع الفردي فى بادئ الأمر، ثم أصبحت جزءا من نظام الخدمة الإجبارية داخل الجيش الاسرائيلى.

احتفظ الدروز من سكان الجليل وجبل الكرمل على الدوام، بتواصلهم مع الطوائف اليهودية والمجموعات الصهيونية، وقت الانتداب البريطاني في فلسطين، وامتنعوا عن المشاركة في النزاع العربي اليهودي، وبعد نكبة 48 أصبحوا مشاركين فاعلين إلى جانب الكيان الصهيونى الجديد.

وتعتمد العلاقة التي تربط الطائفة الدرزية بالمجتمع الإسرائيلي على هدف مشترك، هو الدفاع عن دولة إسرائيل، ويشار إلى أن احتراف الجنود الدروز وإخلاصهم لجيش إسرائيلي، جعلهم عاملا هاما في تكوين قوة الجيش الإسرائيلي، وقدرته على مواجهة أي تهديد يتعرض له أمن إسرائيل، وفى الجيش الاسرائيلى توجد الكتيبة الدرزية “حيرف” وتعتبرهذه الكتيبة ضمن القوات البرية النظامية للجيش، ومعظم جنودها وقادتها من الدروز، ويعود تسميتها ب”حيرف” وتعني السيف، إلى تفضيل الدروز للسيف كسلاح… ومن أهم رموز الدروز فى إسرائيل ..

 الشيخ أمين طريف: ولد عام 1898 فى قرية “جولس” وهو الرئيس والاب الروحى للدروز حتى عام 1993، وكان من المعارضين لفرض الخدمة العسكرية للدروز, وسرعان ماغير فكره وتراجع ووافق على أنضمام الدروز للخدمة العسكرية فى الجيش اليهودى، وكانت له علاقات متميزة مع قادات الحكومات الاسرائيلية المتتابعة، كما كانت القيادات الإسرائيلية حريصة على التواصل معه وزيارنه فى المناسبات المختلفة. وتوفى الشيخ أمين طريف عام 1993 وشاركت فى جنازته شخصيات إسرائيلية عديدة، منها رئيس الحكومة المغتال إسحق رابين.

صالح حنيفس: ولد فى قرية “شفا عمرو”عام 1919، دخل الكنيست فى دورته الثانية عام 1951 عن كتلة التقدم والعمال، التى أدارة عمل تجنيد المتطوعين لمنظمة الهاغانا الارهابية الصهيونية قبل النكبة، كما دعم حنيفس بشكل كبير فرض الخدمة الإلزامية على شباب الدروز فى صفوف الجيش الإسرائيلي.

مجلى وهبى: ولد فى قرية “بيت جن” عام 1954، وكان والده ضابط فى الجيش السورى وبعد قيام الدولة اليهودية هرب والده من سوريا إلى إسرائيل. ويحمل مجلى وهبى رتبة مقدم فى جيش الاحتياط الإسرائيلى– وكان عضو الكنيست عن حزب كاديما، وشغل منصب نائب لوزير الخارجية فى حكومة إيهود ألمرت حتى عام 2009،  وأنفصل عن حزب الليكود ورافق شارون فى تأسيس حزب كاديما عام 2005، ومعروف عن مجلى أنه اكثر النواب تحريضاً ضد العرب.

 صالح طريف: ولد عام 1954 فى قرية “جولس” وهو ضابط فى الجيش الإسرائيل برتبة عقيد، دخل الكنيست فى دورته الثالثة عشر عن حزب العمل عام 1992، كما عين نائب لرئيس الكنيست، وفى عام 1995 شغل منصب نائب وزير الداخلية، وهو مصنف كأول وزير غير يهودى في إسرائيل.

أسعد الاسعد: ولد عام 1944 فى قرية “بيت جن” أنهى خدمته العسكرية فى الجيش الاسرائيلى برتبة عقيد، ثم دخل الكنيست فى الدورة الثالثة عشر عن حزب الليكود، شارك فى الوفد الاسرائيلى لمؤتمر السلام فى مدريد، وكان عضوا فى البعثة الاسرائيلية للامم المتحدة، كما عين مستشاراً لرئيس الوزراء فى ثمانينيات القرن العشرين.

أيوب القرا: ولد فى قرية “دالية الكرمل” عام 1955 وشغل منصب نائب وزير فى الحكومة الاسرائيلية الثانية والثلاثين برئاسة بنيامين نتنياهو، وأنتخب للكنيست فى الدورة الخامسة عشر عام 1999 عن حزب الليكود، وشغل منصب نائب وزير الصناعة والتجارة ونائب لرئيس الكنيست الاسرائيلى.

جبر داهش معدى: ولد عام 1919 فى قرية “يركا” انقلب فى فترة الانتداب البريطانى على الثوار الفلسطينيين قبل نكبة 48، ودخل الكنيست الاسرائيلى فى دورته الثانية عام 1951، وظل عضوا بالكنيست حتى الدورة التاسعة عشر، وكان ممثل لقوائم عربية موالية للحكومة الاسرائيلية, وشغل منصب نائب وزير الاتصالات من 1971 إلى 1975، وله ثلاثة أولاد ضباط فى الجيش  الاسرائيلى، وأدين اولاده الثلاثة بقتل النائب العربى حماده أبوربيعة عام 1981.

تواريخ هامة:

1956 – العمل بقانون التجنيد الإلزامي للدروز

1979 – تشكيل الكتيبة الدرزية “حيرف” وتعيين قائد درزي لها

1982 – “الثورة المهنية” – جميع الوظائف مفتوحة أمام الدروز

1992 – تخرج أول درزي من دورة تدريبية للضباط البحريين القتاليين

1997 – التحاق أول درزي بدورة الطيارين القتاليين في سلاح الجوالاسرائيلى

2001 – أول درزي يرتقي لرتبة لوء (ميجور جنرال): تعيين اللواء يوسف مشلب قائدا للجبهة الداخلية

2003 – أول ملاح جوي درزي وأول درزي في الضفادع البشرية

2007 – أول درزي في وحدة “ساييرت ماتكال” الخاصة

2008 – تعيين العميد بريغادير حسون سكرتيرا عسكريا لرئيس الدولة.

وإلى وجهـة نظـر اخـري …!!

سيريان تلغراف | خالد صادق عبد العزيز

(المقالة تعبر عن رأي الكاتب، وهيئة التحرير غير مسؤولة عن فحواها)

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock